من إب الخضراء

احتلفت الجمهورية اليمنية أمس بالذكرى السابعة عشرة لعيد الوحدة (اليوم الوطني)، وكانت محافظة (إب) اللواء الأخضر، هي التي احتضنت هذه الإحتفالات، ورأى ضيوف اليمن وجهاً آخر لليمن الخضراء الواعدة. يذكر أن المناطق الوسطى في إب ومحيطها تحصل على ثمانين بالمائة من أمطار اليمن، وما تبقّى كأنما تتفضل به على اليمن الكبرى.

وكانت إب بين عيدين محل رعاية خاصة وإنجازات كبرى، حتى بدا – في وقت من الأوقات – أن نائب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ليس له من عمل سوى الإطمئنان على مشاريع إب، ومتابعة نسب الإنجاز، وتيسير مختلف الصعاب ضمن السُّنة الحسنة التي استنّها الرئيس علي عبدالله صالح بتكريس عام من العمل الدؤوب محلياً ومركزياً ليكون هدية وطنية للمحافظة التي تستضيف العيد الوطني، وقد تجلّى ذلك حتى الآن في المكلا عاصمة حضرموت على البحر العربي، والحديدة على البحر الأحمر، واليوم في إب قلب الهضبة اليمنية. وكشاهد عيان، أشهد أن عاصمة المحافظة قد بدت خلقاً جديداً، وقد جمعني مقيلٌ في تعز في منزل الأستاذ علي محمد سعيد، فتحدثوا جميعاً عن معجزة الطرق في إب، والحلول المبتكرة لتجنب الإزدحام أو دخول المدينة، وأعمال التجميل التي تليق بمنطقة كانت عاصمة لليمن في يوم من الأيام، فالملكة الحرّة السيدة أروى بنت أحمد قد اختارت (جبلة) على مرمى حجر عاصمة للدولة الصليحية التي لا تزال أعمالها تشهد لها حتى اليوم بالصلاح وبعد النظر وانتهاج سياسة السلام الإجتماعي، وقد لقّبها معاصروها بـ (بلقيس الصغرى)، قياساً ببلقيس الكبرى صاحبة الصرح في مأرب، والتي ورد ذكرها في القرآن الكريم، والذي خصها بانتهاج سياسة الشورى وانتهاج الكياسة الدبلوماسية على أعلى مستوى في قصتها مع نبي الله تعالى سليمان عليه الصلاة والسلام.

يذكر أن العام القادم ستستضيف مدينة تعز – ربيبة الجبل الأشم (صبر) – احتفالات العيد الوطني، وهذه المدينة اتخذها آخر أئمة اليمن أحمد بن يحيى حميد الدين عاصمة لحكمه، وهي مدينة تتوسط إب وعدن، والأخيرة كانت مهراً للسيدة أروى بنت أحمد الصليحي التي حكمت اليمن 50 عاماً، وللحق والتاريخ فإن حكم السيدتين هو الأكثر خلوداً وبهاءً في الذاكرة الشعبية اليمنية.

الرئيس علي عبدالله صالح الذي تعامل مع فترته الرئاسية الأخيرة على طريقة (صلاة مودّع) والتي تتسم بالإخلاص قلباً وقالباً والإخلاد إلى الله تعالى وموازينه التي لا تهمل صغيرة ولا كبيرة “فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره…”، ألقى خطاباً بهذه المناسبة جدّد فيه دعوته لعناصر الحوثي للإلتزام بقرار مجلس الدفاع الوطني، وبيان علماء اليمن بتسليم أنفسهم وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى الدولة، وأكد أنه يضمن لهم محاكمات عادلة. يذكر أن أحداث صعدة تستقطب حواراً وطنياً واسعاً نظراً لغموض أسباب التمرد وتهديده – ولو نظرياً – لثوابت مجمع عليها بصورة عامة منذ ثورتي 26 سبتمبر 1962 في شمال الوطن و 14 أكتوبر 1963 في جنوبه، وفي مقدمتها إعلان النظام الجمهوري، ونبذ الحكم الإمامي ودعاويه والإستعمار وبلاويه، كما نبذ قيام أي حكم على أساس طائفي أو مذهبي، وكانت هذه المبادئ هي الركائز القوية لتوحيد اليمن شعباً وأرضاً، وإذا ما اختلت فهي تفتح أبواب جهنم، فما أكثر المتنطّعين إلى الحكم في بلد حديث العهد بالتمزّق، وقد قال الرئيس بشكل صريح: “إذا كانوا يريدون الوصول إلى القصر الجمهوري فليتفضّلوا عبر الشعب وصناديق الإنتخابات، وإذا كانوا يريدون حزباً فليتفضلوا وفقاً لقانون الأحزاب، وإذا كانوا يريدون تنمية فليهدؤوا لأنه لا تنمية بدون سلم، أما إذا كانوا يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء بدعاوي الإمامية فإن الشعب اليمني سيحاربهم لأنهم حرب عليه وعلى الله تعالى ورسوله الكريم”. وأشار الرئيس إلى الديمقراطية فقال: “لقد تعلمنا الكثير من مدرسة الديمقراطية، وندعوا الأحزاب والتنظيمات السياسية الفاعلة إلى إجراء حورا مسؤول حول كل ما يهم الوطن ومستقبله”
نودعكم من إب الخضراء وإلى اللقاء.

اترك تعليقًا