11 سبتمبر… اليوم 11 سبتمبر
7 سنوات من الخيول مسرجة من النحر إلى النحر.
تعب الخيّالة وأنهكهم السّرى في بحار الدماء
ذهب العسكر في اتجاه والمدنيون في اتجاه
وبقي الرئيس الأمريكي كراكب حصانين يسيران في اتجاهين متعارضين.
ولّى زمن الحسم، وأقبل زمن الترقيع والترميم وحفظ ماء الوجه.
أين نجوم اليوم الثاني من سبتمبر الذين دقـّوا بينهم “عطر منشم” وأقسموا على السيوف بأنهم سيأتون بما لم تأت به الأوائل؟ طواهم النسيان وأهيلت عليهم الأتربة: أين رامسفيلد الذي كان على يقين أن لحمه مرّ، وأنه يأكل ولا يُؤكل؟ اليوم لو بحثت عنه بتلسكوب هابل الفضائي لن تجد له من أثر، فقد تبخر مع الإنبعاثات الغازية الضارة التي تؤذي طبقة الأوزون: أين (أمير الظلام) ريتشارد بيرل، الذي تشبّه بعفريت مصباح علاء الدين، وبعد أن شبّك ولبّك “شبّيك لبيّك” ألقيت عليه لعنة التاريخ، فعاد إلى الظلام بلا إمارة ولا حتى حمارة.
أين بول ولفويتز، المرابي الذي ضبطه هنري مور وهو يسوّي شعره ببصاقه، فيما يلبس جوارب ممزقة، لقد حاول أن يفلته فذهب إلى رئاسة البنك الدولي، فضبط يدفع فواتير عشيقته من جيب البنك، هذا الرجل نظـّر للحرب ودفع بها بيديه ورجليه، وانتهى مطلوباً “عُتلٍّ بعد ذلك زنيم” أين وأين… وأين؟ كلهم تخطفتهم النسور بعد أن تفرقوا أيدي سبأ.
بقيت (كوندي) التي يدلّلها معمر القذافي، فيدعوها “حبيبتي السمراء”، وقد أهداها في زيارتها الأولى والأخيرة لطرابلس قلادة ثمينة لها محراب، يفتح فتبرز صورته، إضافة إلى الكتاب الأخضر، كوندي الآن تعيش في الساعة الخامسة والعشرين، وتلعب في الوقت الضائع، لذلك تفرح كالأطفال بالهدايا، وقد نالت منها الكثير في زيارتها الوداعية المغاربية… فهنيئاً لها حيث لحقت المرق بعد أن ضيّعت اللحم.
كوندي ستمتعنا عما قريب بمن عايشتهم من ملوك العرب، وستتفوق على مواطنها الأمريكي اللبناني أمين الريحاني في كتابه الشهير، فهي من نوع النساء اللاتي قيل عنهن: “إن القطة بسبعة أرواح والمرأة بسبع قطط”، ولكن الهالة القمرية بهتت، ولم تبق سوى الحُفر… يا ولداه. قلبي ينفطر على الجنرال كولن باول، الذي جرّح مناقبيته العسكرية حين لـُقن الأكاذيب أمام مجلس الأمن، فأخذ يرددها كالببغاء، ثم اتضح له “حين العلم لا يجدي الفتى” أنه كان مطية، فاستقال وأعلن فعل الندم، كما ندم صاحب الكُسعي حين طلّق نوار. وقد جاءه أحد الضباط من أصحاب الدم الخفيف وقال له: “سيدي صحيح أننا لم نجد أسلحة الدمار الشامل في العراق ولكننا وجدنا الدمار”…. نكتة سوداء.
نائب الرئي ديك تشيني أراد أن يدخل التاريخ فخرج من أوسع أبوابه، عمل في سبع مناصب، ولكن البخت ضايع، كاريزما باهتة، نفسية ممرورة، تخطيط في الأقبية بعيداً عن الشمس، غامضٌ مثل أبي الهول ولكن بدون سر، ولا أسئلة ذكية يختبر بها الداخلين إلى طيبة الأمريكية، والمحصلة صفر×صفر×صفر، لأن ديك كسيزيف، يحمل الصخرة إلى أعلى الجبل فتتدحرج عائدة إلى السطح، حبة فوق وحبة تحت على رأي أحمد عدوية.
الرئيس وحده يجلس الآن على القمة الجليدية بانتظار الفرج، بينما باراك أوباما وجون ماكين يتقاتلان على الوريقة، ولسان حاله يردد:
لا أذود الطير عن شجرٍ=قد بلوت المر من ثمره