عودة الشيخ المؤيد

 عاد إلى صنعاء الشيخ محمد علي المؤيد ورفيقه في رحلة التّيه والعذاب والإفتراء محمد محسن زايد، وهما من بين ضحايا كثر أخذوا بالشّبهات، واستدرجوا بالحيلة، واقتيدوا في الظلام ثم أدينوا وفق القوانين الأميركية القابلة للنشر والطي والتأليف والتكييف والإهتزاز والإبتزاز. وبعد الإدانة الظالمة التي فصّلتها إدارة ظالمية غاشمة ثبت بألف دليل ودليل أنها لم تكن تتورّع عن أيّ انتهاك حقوق الإنسان، وهي التي قدّمت نفسها للعالم على أنها حامية حماها، والمبشرة ببزوغ شمسها على البشرية المتعطّشة للعدالة، والسارة تحت راياتها بجيوشها الجرّارة، ومعدّاتها الفتاكة، وأموالها الطائلة التي جنّدت المرتزقة، وأغرت طالبي المال من العاطلين والفاسدين والمرتزقة على خيانة أنفسهم ومجتمعاتهم وأهلهم، وهو الأمر الذي جرى مع الشيخ المؤيد الذي لولا لُطف الله تعالى ودعاء الناس وصحوة ضمير القضاء الأمريكي الذي رأى في الإدانة الأولى وصمة عار، وذلك جهود الحكومة اليمنية الدائبة التي كانت على يقين منذ البدء أن القضيّة برّمتها مؤامرة دُبّرت بليل، لأنها – وهي صاحبة البيت “أدرى بالذي فيه”، والشيخ المؤيد لم يكن نكِرة فيخفى أمره، أو من الذين يدّبون في الظلام فيموّه سرّه، وإنما كان رجل خير وصلاح وتقوى، يعمل في النور وعلى الملأ، أقول أنه لولا لطف الله عزّ وجل الذي أظهر الحق، لكان الشيخ ورفيقه قد أمضيا عمرهما في الزّنازين والقيود والعذاب النفسي المُبرمج بعيداً عن الإنصاف وعن الوطن وعن الأهل وعن الصّحاب والمحبّين وذوي الحاجات التي كانت تُقضى على يد الشيخ، والتي لا أشك أن بركاتها كانت تتنزل على نفسه برداً وسلاماً وهو في الأسر في قضة السّجانين، وغمرات الليالي الموحشة، وتجهّم النهارات الخانقة، ومعاناة ظلم الإنسان للإنسان، واستئساد الأقوياء على الضعفاء. لا ادري الآن في مقابل الفرحة التي عمّت أبناء اليمن وقادته وأهل الشيخ ورفيقه، كيف يشعر أولئك الذين كانوا على رأس السلطة في أقوى واثرى دولة في العلام تفاخر بأن مخابراتها وعيونها وأجهزة استشعارها وكمبيوتراتها لا تخفى عليها خافية، وأنها تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهم يرون الشيخ ورفيقه يُستقبلان بالحب والتهليل والتبكير بعد أن عادا إلى الحريّة وإلى أحضان الوطن ورحاب الله تعالى، الذي ينصُر المظلومين ويأخذ بأدي العانين، ويربط على قلوب الذين آمنوا بعد أن عبروا الإبتلاء، ونجحوا في امتحان القضاء. لا شكّ أن مسؤولي إدارة بوش يكلّلهم الخزي والعار الذي يلحق المتجبّرين الظالمين، وأن القضاء الأميركي الذي انتصر لنفسه قبل أن ينتصر للشيخ ورفيقه سيكتسب قوة دفع تجنّبه أن يكون مطية وشاهد زور. نخرج من هذه القضية التي انتهت نهاية سعيدة رغم المرارات بجملة حقائق:

• أن الشعارات واللافتات قد تُظهر غير ما تُبطن، ولذلك لا ينبغي ولا يصحّ بناء سياسة على شعارات يصكّها محترفون، ويسوّقها منحرفون، ويقع ضحّيتها ساذجون، فلا بدّ والحالة هذه من وضع الكلام على محكّ الفعل، ليتبيّن صحيحه من زائفه، وسمينه من غثّه، وهذا يتطلّب وجود عقول راجحة، وإرادات حازمة، ومراجعات دائمة، مع حذر وتحوّط من أشراك شراكات الصّغار مع الكبار، حتى لا يكون في وضع الذئب الذي حكّمة الأسد في القسمة، فلما اجتهد بما لم يَرُق لملك الغاب لطمة لطة صاعقة أطارت رأسه، فأسرّها الثعلب الذي ما أن حكّمه حتى حكم له بكل شيء، فلا شريك له، فقال له الملك من أين تعلّمت الحكمة أيها الثعلب الحكيم؟ فقال: “من رأس الذئب الطائر”.

• أن نحذر المظاهر الخادعة، والإشارات الكاذبة، فالرجل الذي استدرج الشيخ وأسلمه قد دخل إليه من باب التقوى والموالاة والتظاهر بالخشوع، وأنه ممّن يعتادون المساجد، فاطمأن إليه ولم يخالجه شك، وكثيرون في عالمنا بين أيدينا ومن خلفنا ومن تحت أرجلنا من هذا الباب، وليس في قلوبهم ذرّة إيمان، حتى إذا قضوا حاجتهم وأدّوا ما هم مكلّفون به من مملكة الشيطان ظهروا على حقيقتهم، ذلك أنه ما كل ما يلمع ذهبا.

صلّى وصام لأمر كان يقصده=فلما انقضى الأمر لا صلّى ولا صاما

• البُعد عن مظان الشبهات في اللّسان والجنان، وفي القول والفعل، فالحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، يجدر بالعاقل أن يمحّصها ويقلّبها على وجوهها، فإذا لم يتبيّن له وجه الحق فيها نأى عنها حتى تبين.

مرحباً بالشيخ محمد علي المؤيد ورفيقه محمد محسن زايد إلى الوطن الذي قال عنه شوقي:

وطني لو شُغلت بالخُلد عنه=نازعتني إليه في الخلد نفسي

 

اترك تعليقًا