
من مقالة نشرت في موقع مجلة نزوى المعنية بالأدب والثقافة
فضل النقيب مقدم رواية «الناقلة بلو أوشنز» لـ«علي محمد الزريقي» يبدأ خطابه بالإشارة إلى أهمية المقدمة وكذا أهمية الرواية قائلا: «هذه مقدمة لابد منها للفهم العميق لعمله الذي بين أيدينا والمعنون «فصول من رواية يمنية مفتوحة – ذلك أن مدار هذا العمل وفحواه إدانة صريحة ومباشرة للشمولية السياسية والقهر الاجتماعي والتخريب النفسي والتدمير الاقتصادي وتحويل الحياة إلى كابوس والناس إلى أشباح والوطن إلى ساحة مطاردة للصيد والقتل»(43)
ويذكر النقيب أن أحداث الرواية دارت في مدينة عدن في فترة السبعينات التي شهدت انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان نزح على إثرها الآلاف من الكوادر منهم الزريقي صاحب الرواية(44) والكشف عن موضوع الرواية ومكان وزمان أحداثها لا يشكل جديدا في هذا التقديم فذلك ما ألفيناه في الخطابات التقليدية , بيد أن الجديد في مقدمة النقيب هو أن كشفه لموضوع الرواية وزمانها والفضاء الذي دارت فيه أحداثها لم يكن إلا وسيلة توصل بها للكشف عن قيمة الرواية وأهميتها , إذ يرى أن الأحداث التي قصتها الرواية – وهي أحداث واقعية – قد أحدثت شرخا نفسيا لإنسان ذلك الزمن مازال يعاني آثاره النفسية والأخلاقية والعقلية حتى الآن(45), وعلاج تلك الآثار النفسية – برأيه- يكمن في التوصيف الدقيق والموضوعي والقراءة المتأنية والهادئة لتلك الأيام والأحداث, وهذه المهمة الشاقة هي ما حاولت رواية الزريقي أن تنهض بها(46). وكي لايتهم النقيب بإطلاق أحكامه جزافا فقد عمد إلى استدعاء ماحدث لبطل الرواية من اختطاف وتغييب وما أصاب عائلته من خوف وترويع ومأساة(47) بل إن استصحاب الدليل يبدو سجية حرص عليها النقيب في أغلب أحكامه النقدية التي أودعها هذه المقدمة .فعندما يصف الرواية بأنها شهادة على التاريخ , يعلل ذلك بأنها توثق للكثير من الضحايا بأسمائهم الحقيقة(48) ويعلل انحيازه وتقديره لصاحب الرواية بأنه إنسان حضاري واسع الأفق بعيد عن التعصب وقريب من الفطرة…الخ(49) ومع كل هذا الانحياز للروائي والرواية – وهو انحياز مبرر- فانه أي المقدم – وفي سياق حديثه عن أسلوب الكاتب يعترف «أن الزريقي ليس روائيا محترفا ولكنه احتال لإيجاد شكل مقبول وبسيط وممتد ليقول كلاما لايستطيعه في مقالة أو كتاب نظري وقاله هنا بلغة حياتية فصيحة , لاهي بالمتقعرة ولاهي بالسوقية وإنما هي بين ذلك قواما»(50) وهكذا يضعنا خطاب النقيب أمام جملة من الأحكام والإشارات نحسبها – مهما اختلفنا في دقتها وموضوعيتها – تنظمه في سلك الخطابات التي تقدم معرفة نقدية عن النصوص التي قدمتها للقارئ.