اسماعيل بن محمد الوريث
«إلى فضل النقيب»
تعود علاقتي مع رئيس تحرير هذه «الصحيفة» -26 سبتمبر- الى منتصف الستينات. حيث كنت وهو مع مجموعة من الأخوة حسن عبدالله الشرفي، عباس الديلمي، يحيى المروني، أحمد حسن أبو الخير نواصل مع البرنامج الإذاعي بريد المستمعين، وفي بداية السبعينات لقيت علي الشاطر وجهاً لوجه في منزل نور اليمن المشرق أستاذنا عبدالله البردوني ـ بل الله ثراه ـ واستمرت صداقتي مع علي الشاطر منذ ذلك الحين، بين مد وجزر، لكنني أشهد أنه ظل أكثر تسامحاً مني رغم الجموح الذي طالما كان يخرجني عن دائرة الود.
وبدعوة منه، زرت دائرة الشؤون العامة والتوجيه المعنوي والسياسي بغرض تصحيح قصائدي الوطنية، والعاطفية المسجلة في إذاعة صنعاء، والمدرجة ضمن الموسوعة الشعرية التي سوف تصدرعن دائرة التوجيه المعنوي، بتعاون الاذاعة، وفي الوقت الذي هممت بالخروج من مكتبه سمعته يقول: مارأيك لو خصصنا لك زاوية في صحيفتنا، فتذكرت صديقي الشاعر فضل النقيب، والذي مر بموقف مشابه لهذا الموقف. ودونما تفكير، قلت: لرئيس التحرير، ولكنني لا اكتب في أية صحيفة الاّ كما أريد، فقال: لي ماعدا تجاوز الخطوط الحمراء، فسألته عن هذه الخطوط فاختصرها في «عدم المساس بالثوابت الوطنية، والتعرض لشخص رأس الدولة، وإثارة النعرات العرقية والطائفية، والمناطقية»، فقبلت الدعوة موافقاً على شرط رئيس التحرير، وقد يقول قائل: أليس هذا التهادن جديداً في تفكير اسماعيل؟ واذا ما وجد مثل هذا التساؤل، فإنني أحيله الى اسم هذا العمود «فوح الياسمين» لأن الياسمين لايملك إلاّ عطره الذي يستنشقه كل من يمر قربه، ولا يفكر في محب ومبغض، وأذكر ان صديقي بيان الصفدي كان يردد على مسمعي أن قسماً كبيراً من الادباء يتهمونني بالمجاملة عند تناولي لأي اصدار جديد، فقلت له: انت لاتعرف السبب، فأراد معرفته، فقلت له: إن اهل ذمار يسمون بيت الوريث «بيت اللطافة»، وكان جدي الحسن بن عبدالوهاب صاحب «دار الباولات» يناصف الناس صغيرهم، وكبيرهم، ويذكر القاضي محمد بن علي الاكوع في كتابه (عالم ، وأمير) قصة طريفة تمت بصلة الى هذا الشأن، وكنت قد حدثت صديقي علي الشاطر بأنني أمر دوماً في جولاتي اليومية بجانب منزل الاستاذ البردوني القديم، وكم يؤلمني ما أشاهده من أوساخ متجمعة في بابه الذي اغلق بقفل غطاه الصدأ، لقد كان ذلك الباب الصغير مورداً عذباً يتدفق إليه الشادون من رواد الاستاذ، وتضطر الهامات العالية الى الانحناء عند الدخول منه والخروج، فمن هو المسؤول عن تغيير الصورة؟ ثم ألا يستحق الاستاذ ان نغرس شجرة ياسمين تفوح بذكره العطر في ناحية منزله الصغير المتواضع، قبل ان تنتهي السنة الثقافية لصنعاء؟
عاش في شعبه البسيط بسيطاً
لم يكن مترفاً، ولم يبن قصرا