من (بانكوك) مع التحية… إلى الأخ الصديق/ قاسم
عبدالرحمن الشرفي
|
“أبا محمدٍ” من بانكوك أبعثها
تحية بخطوط الماس والذهب
من أرض (بوذا) التي تهمي(1) سحائبها
تفيض بالخير من حب ومن عنب
حيث الفواكه والأثمار دانية
من يرتجي الخير هذا غاية الطلب
أما الصبايا فحدّث ثم لا حرجٍ
الكاسيات عرايا مثلما اللعب
والعاريات سبايا(2) في شوارعها
يا “سَيْلْ سيْلوه(3)” كم فيها من العجب
ترى الأعاريب(4) في أذيال غانية
معلّقين من الأبصار والهدب(5)
ذئاب صحراء في أعقاب ماسجة(6)
أو سحر جارية منزوعة الأدب
قد شمّروا عن سراويل مقصّرةٍ
وعن نعال قميئاتٍ بلا جُنب
هذا يسير الهوينى وهو في عجلٍ
وذاك يشمخ كبراً وهو ذو ذنب
قد حرّروا القدس في بانكوك وارتحلوا
إلى بتايا(7) ليرتاحوا من التعب
أحفاد (خالد) و(اليرموكُ) شاهدةٌ
ما هكذا والنبي إطلالة العربي
“أبا محمدٍ” في قلبي عواصف من
مر الكلام وفي حلقي شظا الغضب
لكنني ما برحت اليوم أصبر من
(أيوب) حيث ابتلاه الله بالرّهب
الصمت خيرٌ ومن يصمت على مضضٍ
أفتى ومن يفت ممنوع من الكذب
“أبا الحضارم(8)” قد أعليت منبرهم
ففي السعيدة(9) وأبوظبي لم تغب
كالنجم أيا يكن راءٍ لِـلمعته
يراه في الأفق من شرقٍ ومغترب
إذا ذكرناك في أرض مُباعدةٍ
لأرضنا فلأن الضّوء ذا شعب
يا قاسم العزّ دار العزّ سائرةٌ
من حيث سِرت على الأزمان والحقب
أمّا أنا يا صديقي حائرٌ قلقٌ
بين المشافي وبين الضّيق والتعب
أرنو بعينٍ ترى الأغصان مائسةً
يا ليتني في زمان الفاتنات صبي
يا ليتني كنت عصفوراً على غصنٍ
أطوي السّماء كطي السّجل للكتب
لكنها دورة الأفلاك مانعةٌ
فلا يفكر في عُمرين غيرُ غبي
وآخر الشعر باقاتٌ معطرةٌ
للأهل والصّحب من ناءٍ ومقترب
ورفقة الدهر في (البليارد) همّتهم
(الضالعي) رضي الوجه والحسب
وللجلال عميق الغور في ثقةٍ
أخا المهلهل(10) يرمي الخِصم في العطب
كلاهما “داحس الغبراء(11)” منيته
فأيّهم يا ترى سبّاقُ في الغلبِ
شبلان في ساحة (البليارد) أحجيةٌ
يا ليت شعري من المغلوب في اللعب
وحيِّ سالم(12) بالأزهار يانعةٍ
وعودُ كمبوديا(13) في مجمر الذهب
وقل له وهو من أبلى بأوّلها
حُسن الخواتيم تاج الفارس الدّرب
والصّيت بالفعل والأمواج هادرة
وليس في مغريات العيش والنّشب(13)
فليتخذ موقفاً تحني الجبال له
هاماتها فيجيب الزامل البلدي
|
(1) تهمي: تهطل بغزارة، وقد بدأ موسم الأمطار منذ 4 أيام.
(2) سبايا: كالجواري المسبيّات في الحروب، يوزّعن مع الغنائم لكائنٍ من كان… كل واحدة وحظها.
(3) يا سيْل سيْلوه: تعبير يافعي عندما تتدفق السيول من قمم الجبال إلى مجاري الوديان
(4) الأعاريب: العرب الهائمين على وجوههم في الصحراء قديماً، وفي مدين اللهو حديثاً
(5) الهُدُب: أسبال العين
(6) ماسجة: فتاة مَساج، وما أكثرهنّ في تايلاند (بين كل مساج ومساج مساجيْن)
(7) بتايا: منتجع ساحلي خلاب على بعد ساعة بالسيارة من بانكوك
(8) الحضارم: حضارم يافع، أحد مكاتب يافع العليا الخمسة
(9) السعيدة: أرض اليمن (التعيسة)
(10) المهلهل: أخو كُليب: وهو لقب جلال (من سيرة أبو زيد الهلالي المسمّاة الهلالية)
(11) داحس والغبراء: الحصانان اللذان أثار الحرب التي استمرت 40 عاماً في الجاهلية وأصبحت مضرب الأمثال بين بكرٍ وتغلب ومتفرعاتها وقد خلّدها زهير بن أبي سلمى في معلّقته
(12) سالم: سالم صالح محمد (أبو صلاح) من رجالات يافع وأحرار اليمن
(13) النشب: متاع الدنيا مما ينشب المرء فيه أظافره حرصاً وحباً
(14) الكمبودي: أشهر أنواع العود
