دعاني صديقي الأستاذ حسن عبيد إلى مقيل في ساحل أبين وجهاً لوجه مع أوركسترا ذلك البحر التي لم أسمع لها مثيلاً في بحار الدنيا.
وذلك عقب غداء استثنائي في مطعم “زبيدة” العامر مقابل فندق ميركوري الذي يقصده الناس من كل فج عميق كما هو شأن “الشيباني” في صنعاء حتى إن القادمين من صنعاء بعد سفر طويل تجدهم ينيخون في ذلك المكان الذي أفسح مكاناً لائقاً للعائلات وحيث يغسل إخواننا اللاجئون الصومال السيارات الحديثة طوعاً أو كرهاً لتتزين قبل الدخول إلى ساحات “عدن مول” تحفة الأسواق الحديثة ومن هناك إلى “كريتر” عروس البحر وابنة جبل شمسان المخلوط ترابها بالتبر والزعفران وأنسامها تحمل شذى الفل والكاذي والريحان.. ساحل أبين أيها السادة لو أصلح للسياحة لاستوعب أكثر من مليون متنزه تحت المظلات وعلى الأمواج التي لا تكف عن العزف وقد قست ذلك على كيلو مترين أنشأتهما أبو ظبي في واجهتها البحرية من أجل السياحة والتنزه فاستوعبا مائتي ألف متنزه.. ساحل أبين هو الذي غنى له الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان بصوت وألحان أحمد قاسم:
يا ساحل أبين بنى العشاق فيك معبد
كم من فتى يعشق.. ويحن للرملة…الخ.
ومن موقعنا على الشاطئ نشاهد قلعة صيرة حيث حدثني صديق أن هناك مشروعاً لإقامة عمارة من 40 طابقا في الفرجه الجميلة التي تطل على البحر وطبعاً في زمننا هذا فإن من أسهل الأمور ردم البحار واكتساب الأراضي الجميلة على الشواطئ وحيث نقيل الآن نتكئ على أرض كانت بحراً من قبل عام فقد حصلت تعديات مشهودة على البحر لم يجد المسؤولون لها من حل سوى ردم البحر لإنشاء شاطئ جديد وهكذا تم رمي التعديات إلى الخلف وأنا أكتب هذا المقال تلقيت تلفونا يدعوني لحضور افتتاح مصنع اسمنت مجموعة السعيد على طريق ردفان ويبدو أنه سيكون أكبر مصنع في اليمن من نوعه، إذا كانت ذاكرتي واعية لحديث الشيخ علي محمد سعيد قبل حوالي ثمانية أشهر من الآن حيث ذكر أن سياسة المجموعة هي “دع الأعمال تتحدث” مشيراً إلى أن المصنع سيسد جزءا كبيرا من حاجة اليمن إلى هذه المادة الاستراتيجية التي شحت في الأسواق العالمية فارتفعت أسعارها وزاد الطلب عليها، ويبدو أن المجموعة بعمقها العلمي في الإدارة وقراءة مؤشرات المستقبل قد اتجهت هذا الاتجاه الذي شهد إقبالاً كبيراً ومنافسة من رجال أعمال آخرين فالشيخ علي عبدالله العيسائي يقيم مصنعه المشابه في باتيس بأبين بالقرب من المشروع السعودي اليمني للأسمنت الذي يشرف على إنشائه الشيخ علي بن علي العيسائي وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
لا شيء يُسعد الإنسان ويثلج خاطره وينشط آماله مثل هذه الأعمال الإنشائية التي تُشاد بصمت وتستوعب مئات العمال وتسد حاجات وطنية ماسة ذلك آن الناس قد ملوا الكلام المرسل على عواهنه يحمله الهواء وتطويه الرياح.
غداً سأذهب نشيطاً خفيفاً إلى حفل الافتتاح لأمتع السمع والنظر بهدير الآلات ومخرجات الإنتاج ولا يهمني بعد ذلك الغداء العامر الذي قالوا أنه سيكون في عدن مول الذي قال الحاج علي محمد سعيد أن المجموعة حين بنت ذلك الصرح أرادته هدية لعدن التي كانت مهد تجارة هائل سعيد وشركاه ولم تسأل عن الربح والخسارة (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).