إلى أخي الأعزّ، توأم الروح، ورفيق الطفولة/ محمد منصر العيسائي مع خالص المحبة
|
كيف أشكو إليك قلبي وغلبي
وهموم الأيام يا ابن منصّر
يا رفيق الطفولة الغض لما
كانت الأرض والسماوات أكبر
والصبا يجعل التعيس سعيداً
والمرارات في الحلاقيم سكر
لا تقل لي: هوّن علي الرزايا
إن قلبي يشيخ يا ابن منصّر
كلما هدّم الزمان جداراً
هدّم الهم حائطاً منه أكبر
بلّغوني عنك الأحاديث شتّى
ورووا عنك في التشدّد أكثر
قال لي قائلٌ رفيقك (شيخٌ)
ثابت العزيم قد أطال وقصّر
قلت إن التقى إذا مس شخصاً
جعل الله قلبه يتنوّر
ما عليكم إن العطايا هدايا الله
يسخوا بها لمن يتخيّر
والبرايا ميسّرون لما في الصحف
قد خطّه الآله وقدّر
ما عليكم من صاحبي ودعوة
فنعيم الإيمان أحلى وأنظر
يستقي منه كل وادٍ جديبٍ
فتراه قد صار ريّان أخضر
إن ما ندّعيه من نعم الدنيا
قصيرٌ وبالنتيجة اسدر
كل من عاد للحظيرة طوعاً
فهو بالحب والمسرّة أجدر
ذاك معناه أنه أعمل التفكير
فيما يرجى وما يتصوّر
لو عرفتم من صاحب ما عرفنا
لعرفتم كيف الكسورات تجبر
وعرفتم أن النوايا تقود المرء
للخير أو ترديه في الشر
صاحبي كان الحياة جواداً
كلما أسرعت به صار أخطر
وكريماً وسيّداً وذكياً
كل من رام مكره كان أمكر
واستقى من كؤوسها مترعاتٍ
من نعيم مؤنقٍ ومسوطر
وجمال قد أبدع الله منه
يجعل العاقل الحليم مُحيّر
ولكم ساح في بلاد فكان النجم فيها
وهو الأمير المؤمّر
هو ذواقة ويدري تماماً
أي عطر في عمره يتعطّر
فإذا اختار عطر اليوم تقوى
لفقد صار في العبادات أخبر
ما عليكم من صاحبي فهو أنقى
وجهه اليوم في المجالس أنور
وهو من فتية كرام لطافٍ
من جذور كالماس أغلى وأندر
آه يا بو علي شرّتنا من دونِ
أن نستعدّ أو نتدبّر
ففرحنا قد أحطتم بشيخ الناس
في منظر مُهب ومقّدر
عمّكم عمّنا وعم البرايا
آية في الزمان لا تتكرر
(عمر) كالنواة باركها الله
فصارت نخلاً تعالى وأثمر
فأفاضت رطباً جنياً هنيا
كله طيب زكي وعنبر
في زمان أناسه كوحوشٍ
من ذوات الأنياب تفري وتتبر
سعادى من دون داع وكل
حامل في يمنيه سيف عنتر
بارك الله فيه دنيا وأخرى
فهو كالضوء في الظلام المغدّر
أنا والله يا رفيق حياتي
أزدهي فيك بالمحبة أكثر
فإذا لم أقم بما لك عندي
لا تقل عاجزٌ ولكن مقصّر
وأنا (ابن النقيب) شرعي وفي
لو طمى البحر لا وعينين أعبر
إنما جئت في زمان كسيحٍ
شرعه ناقصٌ رديء وأغبر
جملة منك ذات يوم شجتني
فاض قلبي بها فغنّى وشمّر
وأنا صائغ الكلام وأدري
مركب الحرف كيف يسري ويبحر
كيف أوفيك يا رفيق حياتي
يأ أعز الأصحاب يا ابن منصّر
|