كان أركان حرب الرئيس سالم ربيع علي في انقلابه المثير الذي دشنه بحزم وتصميم بالأيام السبعة (المجيدة) رجال (صماصيم) لهم (شنة ورنة) و (إقبال وإدبار) وأعمال وأفكار، ومن أولئك (فيصل العطاس) محافظ حضرموت آنذاك المشهور بـ (فيصل النعيري) وكانت أبرز إنجازاته تدمير البوابة التاريخية لمدينة (المكلا) عاصمة حضرموت، ونظراً لضخامة البوابة ومتانتها فإنه لم يكن إنجاز التدمير إلا على مدى ثمانية أشهر من العمل الثوري المضني، ذلك أن سلاطين (القعطة) الذين بنوا البوابة قد حرصوا على أن تكون بمثابة قلعة عسكرية، لذلك فإنهم قد اختبروا متانتها عقب إنجازها بقصفها بالمدفعية وقد نجحت في الاختبار أيما نجاح ولكنها أخفقت في اختبار (النعيري) عندما تكاثر عليها الأعداء الذين اعتبروها من رموز (الماضي البغيض).
ومن الأركان (عوض الحامد) الذي حدثتكم عن منجزاته وخاصة لجهة نظم كتاب رأس المال شعراً على طريقة (ألفيّة بن مالك) التي حفظت لنا (النحو العربي) ويقع الخطأ على (محمود درويش) الذي لم يجزه عند زيارتنا له في مقر المحافظة بلحج وإلاّ لكان اليوم ينافس (أدونيس) الذي يعمل على ترشيح نفسه لجائزة (نوبل)… الله يوفقه.
وثمة أيضاً محافظ المحافظة الرابعة (علي شايع) الذي تكشف عن موهبة شعرية في نظم الشعارات والأناشيد الجماهيرية، وقد زرناه في مبنى المحافظة أنا والمؤرخ سلطان ناجي، والشاعر الجرادة وناصر الصبيحي، والشاعر مسرور مبروك حيث حضرنا المهرجان الأول للشعر الشعبي وكنا خلال الرحلة الجوية بطائرة عسكرية قد تعرضنا لمطبّ جوي هائل صرخ من هوله المؤرخ سلطان ناجي دون وعي “فعلوها أولاد الـ…” قد ترسب في وعيه الباطن حادث طائرة الديبلوماسيين الني نسفت في الجو، ولطالما أكلت وشربت وسعدت أيضاً على حساب ذلك الإنسان الطيب النبيل (سلطان ناجي) بحجة أنني سأفشي المضمون السياسي لصرخته وكان يقول لي دائماً: “بطّل يا أهبل… عيب المزاح في هذه الأمور… من شان تضحك وتتسلّى با يطير رأس عمّك سلطان”.
وكان الجرادة يحرّضني أثناء (المقيل) وبيت سلطان ناجي المضياف مليء بالناس فيقول: “على فكره (هاذاك) المطب يوجع لي قلبي من (ذاك) اليوم، إنت ما أثّر عليك يا (فضل)… يقول الكلمة الأخيرة وهو يغمز باتجاه (سلطان) فيحتدم سلطان وهو يعلّق: “اللي يمشي وراء الدجاجة فين باتودّيه غير (المدج)” أي بيت الدجاج.
عودة إلى (المحافظ) علي شايع وكان من أركان حرب الرئيس سالم ربيع علي الذي ما أن علم بوجود (الجرادة) و (مسرور مبروك) حتى هشّ لنا وبشّ وأكرمنا غاية الإكرام، واتضح أنه كان يريد الإجازة الشعرية من الجرادة ومسرور مثلما أرادها (عوض الحامد) من محمود درويش.
لم يتردد الجرادة في إجازته، أما العم مسرور فقد كان يغطّ في شيخوخة عجيبة لا يتذكر منها اسم المحافظ ولو قلته له مئة مرة في الجلسة، وعلى الرغم من أن المحافظة في تلك الأيام العمياء، كانت قد ابتليت بوباء (السحل) بالسيارات وخاصة لرجال الدين والعهد البائد إلاّ أنه (الجرادة) كان يهمس في أذني خلال العزومة الفاخرة: “لا… لا… هذا مش وجه واحد (يقرط) رؤوس لازم في واحد ثاني”.