حمار الشطيري وعرس القاضي – 36

سرعان ما اتضح فشل (الانتفاضات) و (المبادرات) على المستوى الاقتصادي، وأدى ذلك إلى تدهور المستوى المعيشي للناس في انحدار سريع أنذر بالوصول إلى قاع (الهاوية).
وكان الرئيس سالم ربيع علي قد سبق له أن تحدث في مجالس عديدة أنه سيجعل المنطقة الممتدة من (العرقوب) إلى (عدن) (حوالي 200 كم) (قطيفة خضراء) مشيراً إلى (الموكيت) الأخضر الذي عرفته البلاد للمرة الأولى آنذاك في مطالع السبعينات والذي كانت (الفرشة الأولى) منه من نصيب دار الرئاسة.
طبعاً غابت عن ذهن الرئيس عوامل عديدة محبطة مثل عدم توفر المياه، وانعدام شبكات الريّ، وزحف الرمال (التصحّر) وغياب المعدات ونضوب التمويل (الرأسمالي) ونزيف الكوادر المؤهلة، وتحوّل الفلاحين عن الزراعة باتجاه المسيرات والطبل والزمر، ومحاربة (الأعداء الوهميين).
لم يقبل أحد الاعتراف بالفشل لأن (الثورة) لا تخطئ أبداً، وبدلاً من ذلك قيض الله للبلاد انقلاب (شيلي) على (سلفادور اللندي) فقامت القيامة في بلادنا التي لا أحد يعرف من سكانها موقع (شيلي) أو حتى في أية قارة تقع وهات (يا سبّ ويا شتم) في الجنرال العميل (بينوشت) والامبريالية الأميركية التي تقف وراءه، ونسينا مسألة (الطماطه) و (البطاطه) إلى حين، أو حتى نفرغ من معركتنا مع (بينوشت) وعسكر شيلي.
وقد حمي الوطيس عقب أنواع الفشل المتكاثرة، على الثورة المضادة، ورموزها (العفنة) وأصبح كل شعار يرفع بمثابة ضربة قاضية للامبريالية الأميركية، وقد حدث آنذاك في منطقة (يافع) أن تم تمهيد عقبة تدعى (نقيل الخلا) بصورة بدائية لعبور السيارات فأقيمت احتفالات طنّانة رنانة، وكان مما قاله الخطيب الثوري عميد الحفل: “إن النجاح في (نقيل الخلا) ضربة قاضية للامبريالية ومسمار أكيد في نعش الرأسمالية”، وبينما كان يسترسل منتشياً وقف له مواطن عجوز يتكئ على ظهر حماره الذي كان ينقل فوقه أغراض الناس في ذلك المكان فقال له: “والله يا ابني إن الضربة موجهة لي ولحماري، إيش من امبريالية وإيش من (قاضية) يا قليل الناموس”.
على ذكر الحمير، فإن مواطناً من بيت (الشطيري) حوكم بتهمة عدم الانتباه لحماره الذي قضم كم قضمة برسيم من إحدى الأطيان، وقد شرح له القاضي (الثوري) بأنه عندما يقول سين سؤال فإن عليه أن ينصت، وعندما يقول جيم جواب، فإن عليه أن يرد، فقا له المواطن: “يا ابني بلا سين سؤال بلا جيم جواب، هذا حمار (داشر) ينطلق على هواه دون عقل، وأنا مستعد أعطيكم (برسيم) مضاعف أو تحضروا حمار صاحب الطين ويأكل من طيني بكيفه” لم يقتنع القاضي وأخذ يسأله ويلح عليه لأن الغرض الحقيقي كان إيداع (الشطيري) السجن لأنه من شيوخ الماضي…
أخيراً ضاق (الشطيري) ذرعاً فقال للقاضي: “يا أخي حماري (داشر) مثلك لما تركت ضيوف حفل عرسك، ورحت تعمل المخازي” وكان القاضي قد ضبط في موقف مشين معروف للجميع، لذلك فقد بهت وقال للكاتب أوقف التسجيل، وأغلق المحضر فقال (الشطيري) لا… سين سؤال جيم جواب”، خلاص براءة، بس اربط حمارك في المرات القادمة.

اترك تعليقًا