الأخ الأكبر محسن – 46

من شخصيات عدن السبعينات الأخ (محسن) وهو بمثابة الأخ الكبير في رواية جورج أوريل (العام 1984) ذلك الأخ الذي يرى كل شيء، ولا يفوته شيء، وما دمت تمشي على صراطه المستقيم، فهو راض عنك يباركك، أما إذا خرجت فذنبك على جنبك… فقد أعذر من أنذر كما يقول العرب.

(محسن) من زاوية أخرى يمكن تشبيهه بـ (أبو الهول) يروعك منظره ولكنك لا تعرف ما سرّه، وماذا في بطنه أو باطنه، ومن المؤكد أن خزائنه مليئة بأسرار عالم الظلام، لذلك فإن كثيرين ينتظرون كلامه في عالم (تكلّم ما فيه حتى الحجر).

(محسن) من زاوية ثالثة من النوع الذي (دعت له أمه) فقد خرج سليماً من كل الكمائن المتلفة التي نصبت له وهو بذلك مثل القطط ترميها من الدور العاشر فتسقط على قوائمها ذلك أنها بسبع أرواح كما تقول الأساطير.

وللإنصاف فإن هناك حقيقتين ينبغي أخذهما بعين الاعتبار، الأولى: أنه كانت توجد أربعة أجهزة تشغيل في العالم السفلي في عدن النصف الأول من السبعينات، فإلى جانب جهاز (الأخ محسن) وهو الجهاز المكلف رسمياً بهذا المجال، أنشأ الرئيس سالم ربيع علي جهازاً دموياً تابعاً للرئاسة، وإنشأ الجيش جهازاً مماثلاً، كما أنشأ علي عنتر وصالح مصلح جهازاً رابعاً، بجانب تجمعات صغيرة في بعض المناطق الداخلية أخذت على عاتقها تصفية الماضي وأهله، وللتاريخ، فإن العديد من أعمال الأجهزة يدخل بامتياز في باب (الجرائم ضد الإنسانية).

أما الحقيقة الثانية فهي أن جهاز الأخ محسن قد اقتصر نشاطه بالدرجة الأولى على عدن وبما أنها المركز فقد كان هناك بعض الضوابط التي أعفت الأجهزة الأخرى نفسها منها،  وكان (محسن) حريصاً على ألا يتحمل النتائج بمفرده لذلك فقد كان يطلب تكليفاً خطياً في الحالات الاستثنائية، وهو ما يؤكد مسؤولية السلطة ويسمح برصد اتجاهات التفكير.

ولم يقدّر لي أن ألتقي بـ (محسن) في تلك الحقبة العاصفة إلا عرضاً في الساحل الذهبي فكان أن بادرني بالقول “إن شاء الله أحقق معك بنفسي قريباً”… وماذا فعلت؟ “تحقق مع بناتنا في التلفزيون على الهواء” “دا جايلي أنا بقى” على حد تعبير عادل الإمام.

اترك تعليقًا