الجرادة سائح سويسري – 56

تواصلاً مع زاوية الأمس، غادرنا مكتب الأستاذ أحمد محمد نعمان وقد أصبحنا أكثر حكمة وأكثر وثوقاً بفاعلية الكلمة ودور الشعر في صياغة الوجدان، وكان مرافقنا محمد اليازلي لم ينطق ببنت شفة خلال اللقاءات ولكننا ما أن خرجنا من القصر الجمهوري حتى غلبته روح النكتة فقال للجرادة: “يا أستاذ.. ماذا فعل الله بالخيل التي كانت هنا أيام الإمام؟” وهو كان بذلك يشير إل السؤال الذي وجهه الجرادة لوزير شؤون الوحدة… وقد غضب الجرادة مما اعتبره اجتراءً عليه فقال له: “هؤلاء الملاعين – مشيراً إليّ وإلى محمود الحاج- بيني وبينهم مزاح ومعرفة قديمة، لكن انت (إيش جاب برمتك بين البرم).. (عيب ا ابني، أنا في سن أبوك إلزم حدودك)”.

أما السبب الحقيقي للغضب فقد شرحه الجرادة عقب ذلك بالقول: “أنتم ما تعرفوا صنعاء… إن نكتة مثل هذه ستصبح حديث مجالس القات عشر سنوات ثم ينسى الناس اسمي ويسمونني ماذا فعل الله…”.

ومنعاً لأي ملابسات أو ملاسنات قادمة فقد قرر الجرادة – كرئيس للوفد- الامتناع عن أية مبادرة من عنده والالتزام بما نطلبه منه، وكنا في الطريق لمقابلة الأستاذ الأدبيب محمد الربادي وكيل وزارة الإعلام، وصديق قديم وحميم أيضاً للجرادة.

سألنا الجرادة: “ماذا تريدون أن أقول؟” قلت له: “بعد السلام والتعرف وكلمتين عن المهم وتقديم البرنامج المقترح للقاءات مع الأدباء والكتاب اليمنيين، سيكون شيئاً جميلاً لو طلبت من الأستاذ الربادي بصفته صديقك أن  ينظم لنا زيارة لمعالم صنعاء وضواحيها ومغانيها الشهيرة في حدة والروضة والوادي” فقال: “نعم الفكرة…”.

ذهبنا إلى مكتب الوكيل الربادي فاستقبلنا ببشاشته المعهودة وبلاغة لسانه الطليقة وكرمه الذي تلمحه في عينيه، إضاف إلى شجاعته الروحية والأدبية التي جعلت منه علماً من أعلام حرية الرأي والجهر بالمعتقد… وقد جرى كل شيء على ما يرام إلى أن اقترح الجرادة تنظيم برنامج زيارة معالم العاصمة وضواحيها حيث تفضل الوكيل وغادر مكتبه وقد وضع يده اليسرى فوق عينيه مقترباً من الجرادة يتأمله وهو يقول: “إيش جيت من سويسرا… ما فيش حجرة في صنعاء إلا وتعرفها وتعرفك… سايح أوروبي يا ملعون…” صرخ الجرادة: والله ما في معلون إلاّ هذا – مشيراً إليّ- هو اللي (ودف) بي.

اترك تعليقًا