المطلوب وقف إطلاق النار في غزة وبإلحاح، وهذه الصياغة من الناحية اللغوية والأخلاقية صياغة ماكرة لوقف العدوان الإسرائيلي السافر والغاشم الذي لا يسمى نفاقاً ورياءً مثل مختلف الصياات الدولية الملتبسة بخصوص القضية الفلسطينية والتي تساوي بين المحتل وبين ضحاياه، بل وترجح كفة الميزان لصالح المعتدي كمثل صياغة القرار 242 عقب حرب يونيو 1967م والتي احتلت اسرائيل بنتيجتها كامل أرض فلسطين وسيناء المصرية والجولان السورية فجاء النص الماكر المخادع باللغة الإنجليزية المعتمدة يدعو إسرائيل إلى الإنسحاب “من أراض محتلة” مغفلاً ألف لام التعريف “الأراضي المحتلة” ليكون واضحاً وشاملاً وقابلاً للتنفيذ بحدود معلومة موصوفة، وهذا الإلتباس أتاح لإسرائيل الإدعاء بأن من حقها أن تحدد أي أراض محتلة تنسحب منها وأيها تحتفظ بها بما يخدم أمنها وأطماعها التوسعية، ولا نزال بعد أكثر من أربعين عاماً عالقين في غياب ألف لام التعريف الذي جهّل المناطق المحتلة، وطبعاً علينا أن لا ننسى أنه لولا ضعفنا وخورنا وحروبنا المعلنة والمستترة مع بعضنا، وادعاء كل دولة من دولنا أنها هي ولا أحد غيرها من يحمل الأمة على كتفيه (يا لها من أمة كسيحة) وهو محض كذب وافتراء لكنا من زمن بعيد قد صنعنا ألف “ألف لام” تعريف، فالحقوق هي ما يمكن لصاحب الحق أخذه، وطالمن هو يستجدي ورأسه تحت المطرقة والسندان فلن يُعطى سوى الفتات، وستغلق كل الأبواب في وجهه.
حتى الكلام إذا رأته مقبلاً=نبحت عليه وكشّرت أنيابها
ولقد تابعت بأسى وحسرة مساعي الوفد العربي الوزاري في نيويورك بصحبة محمود عباس “أبو مازن” وعمرو موسى والمندوبين الدائمين، وشعرت – وذلك ما نطقت به الوجوه المرهقة والألسن الخائفة والعيون الطافحة بدموع تصب إلى الداخل وتتحجر في الخارج – أن وزن العرب أقل من وزن جناح بعوضة، وأنهم حين ذهبوا إلى هناك إنما كانوا مجبرين لكي لا يقال أنهم لم يفعلوا شيئاً، ولم يحاولوا، ,غلا فإنهم يعلمون علم اليقين أنهم سيرون الجحين في عيون الآخرين الشامتين المستأسدين على الشياه العربية التي تُرعى في أرض مأسدة:
ومن رعى غنماً في أرض مأسدة=وغاب عنها تولى عريها الأسد
أبو مازن كبير الفلسطينيين غير المعترف به من حماس يطلب ما لا يُعطى، من أمن ناجز لشعبه، ومن ضمانات للقوت والدواء، ويريد قوات دولية تفصل بين أرض كانت واحدة فأصبحت أرضين، وتعيش على تخوم جزء من شعب كان موحداً فتشظى بفعل أكثر من فاعل وأولهم “النفس الأمارة بالسوء”، وحسابات الربح والخسارة بمعناهما الذميم الذي يغيب العقل ويشل الإرادة ويدفن المصالح الوطنية العليا في الحفر المنكرة حيث الدود يأكل القضية ويحولها إلى مسخ يسوقه رجال قصار النظر كليلوا ا لبصر، والرجل يستصرخ وهو لا يملك القرار، وحماس ترفض وهي على وشك تضييع القرار، ماذا يريد الفلسطينيون أن يحصلوا عليه لقاء دمائهم ودموعهم وحطام الدنيا الذي أكلته النار إذا كان من يقودون المسيرة على هذه الشاكلة من العمى.
الناس البسطاء يموتون دون أن يعوا حتى لماذا، وآخرون يستثمرون دماءهم وجاهة وأموالاً وظهوراً فجأً على شاشات الفضائيات، أنلوم إسرائيل العدو وننسى أنفسنا؟ العدو يحترم حياة شعبه ويسعى إلى سفك دمائنا لكي لا يسفك دم مشترد في مستوطة مغتصبة، فيما نحن نقدم القرابين البشرية مجاناً، ونطلب الإبادة بإجادة، ثم نبكي غير صادقين ولا ورعين ولا متأسين ولا معتبرين، ولذلك تتكرر المذابح فينا لأننا نرمي أنفسنا بحجارة النفاق، ونبيع مقدساتنا للشيطان، ونبيح دماء أولادنا، ولا نرى لها حرمة إلا أن تفسك بالحق وأين منا الحق؟!
خلاصة الأمر، حيث لا نهاية للخلاصات ولا الملخصات والمدونات، إن موقفنا في مجلس الأمن كان موقف “عزيز قوم ذل”، وليتنا لم نذهب وبقينا في قيامتنا وهواننا نلعب – ولكن – ليت عمرها ما عمرت بيتاً… الله المستعان