قالت منظمة «علمان» للسلام وحقوق الإنسان ومقرها مقديشو: إذا لم يتدخل المجتمع الدولي لوقف المذبحة في البلاد فإن الصوماليين سينقرضون قريباً، وقال برونوجوشم ـ مدير عمليات منظمة أطباء بلاحدود في مؤتمر صحفي في نيروبي: إن الصومال لم يعد على شفا كارثة، فقد حدثت الكارثة بالفعل، وتقول الأمم المتحدة: إن مليون صومالي من أصل تسعة ملايين يعيشون كلاجئين داخل الصومال، ولكن منظمة «علمان» قالت: إن عدد الذين يعيشون في المخيمات بلغ حوالي المليونين، ليس الموت المباشر وحده يتهدد الصوماليين، وإنما المجاعة،فعدد الأطفال المصابين بسوء تغذية حاد والمنقولين إلى مخيمات أطباء بلاحدود يتضاعف وبمعدل 005 طفل كل أسبوع، ولكم أن تتخيلوا تراكم هذه الأجساد الغضة والعاهات الجسدية والعقلية التي ستلازم من يبقى منهم على قيد الحياة، علماً أن إمكانيات المنظمات الخيرية الدولية المهددة بالرحيل لما تتعرض له من اعتداءات همجية هي من الضعف والهشاشة وشحة التمويل إلى الدرجة التي يمكن تشبيهها بعمل المسكنات الاسبرين والبنادول في مواجهة سرطان خبيث مستشر، وهي في العموم قد تقدم الموت الرحيم، ولكنها لن تقدم الشفاء.
ونحن في اليمن، حيث يقدر عدد اللاجئين الصوماليين بـ 008 ألف نسمة يزيدون قليلاً أو ينقصون ندرك عمق المأساة وفداحتها، ورغم أننا بين أفقر شعوب العالم فإننا لم نتردد في التقاسم مع إخواننا اللاجئين لقمة العيش الشحيحة، علماً أن معظم البلدان المجاورة والقريبة من الصومال تغلق حدودها بالحديد والنار ولا تبالي فيمن عاش أو مات.
وقد دعا كينيث لافيل ـ مدير بعثة أطباء بلاحدود في الصومال الدول المجاورة إلى فتح حدودها طبقاً لاتفاقية جنيف للاجئين، وقال: إن الشعب الصومالي وقع في مصيدة في بلده، وليس لديهم خيار آخر.
ورغم هذا النداء الذي يشبه استغاثة الغريق فإن المعنيين لا يولونه سوى إذن من طين وأخرى من عجين.
لقد اسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
وبدون إعفاء أحد من مسؤولياته في أجواء الكارثة، فإن الصوماليين وبالذات المنظمات السياسية والزعامات القبلية والمليشيات العسكرية هي المسؤول الأول وبيدها الحل والعقد لإنقاذ وطنها من الدمار وشعبها من الإنقراض، ويُعتبر اللّدد في الخصومة والتوزع على القوى الإقليمية المتناحرة على أرض الصومال بمثابة خيانة لشعب لا حول له ولا قوة، فهو كالكرة بين أقدام اللاعبين الذين لم يرحموه ولن يرحموه ولن يبالوا بمصيره، بالرغم من الشعارات الكاذبة المرفوعة على أسنة الرماح.
إن الفراغ في الصومال استدعى ويستدعي قوى إقليمية ودولية متناحرة ستتخذ من شعب الصومال وقوداً لتصفية حساباتها بالحديد والنار، وهي إذ تظن أنها تجلب لنفسها خيراً وتدفع عنها شراً، فذلك لأنها لم تتعرّف بما فيه الكفاية على مزاج الحروب وتقلباتها، فالقرن الأفريقي بكامله سيلتهب ويتصومل، وقد أخذت النذر في الإندلاع ومدى الحرائق في الاتساع «والنار ما تحرق إلا رجل واطيها»، لذلك فإن من المصلحة الصومالية والإقليمية والدولية إطفاء الحريق، فقد لاحظنا كيف تفاقمت أعمال القرصنة في المياه الدولية، ولا يدري سوى الله وحده، ما الذي ستؤول إليه تجمعات اللاجئين، التي بدأت في الانغماس بمشاكل الجوار في سبيل لقمة العيش، الصومال الذي تغيب عنه الجامعة العربية وهو عضو فيها بحاجة إلى مبادرة تتجاوز الكلام والتمنيات وترصد موارد للاستجابة للحاجات الملحة على المدى القصير والتنمية والمصالحة الوطنية على المدى الأبعد، وبدون ذلك فإن أي حديث هو حديث طرشان.