اكراد وسط النيران

النار تتأجج تحت الرّماد على الحدود العراقية التركية بل إنّ شررها يقدح مهدّداً اَمال السكان باستقرار طال انتظاره في إقليم ديار بكر الكردي التّركي، والإقليم الكردي العربي في العراق، حيث يغنّي كلُ على ليلاه وقتلاه فلا أكراد العراق يطمئنون لبغداد على الرغم من أن الرئيس منهم، ولا أكراد تركيا يطمئنون لأنقرة لأسباب عديدة يلخصها توصيفهم الرّسمي بأنهم أتراك الجبال كأنما لا يوجد على ظهر الأرض شعبان يعيشان في دولة واحدة ويعترفان بحق كل منهما في الوجود والهُوّية الثقافية والحضارية.

ما علينا. . وكما قيل فإن (معظم النار من مستصغر الشرر) ولابد لهذا الحراك من أن ينتج أجنّته المشوّهة لأن المسألة أكبر بكثير من احتكاكات حدودية تحلّها لجنة مشتركة من جانبين وترتيبات إجرائية، فعرب بغداد من شيعة وسنّة غير راضين في أعماقهم المجروحة عن نمو الروح الاستقلالية لدى أكراد الشمال الذين عانوا مظالم تاريخية لا شك فيها ولكنّهم الاَن في أفضل ظرف لأخذ حقوق متوازنة لا ضرر فيها ولا ضرار أما أن يطمعوا فيما هو أكثر من (الفيتو) وما هو أكثر من الفيدرالية فإن ذلك إن لم يقدهم إلى حرب مع أشقائهم العرب، فإنه سيقودهم إلى حروب مع الأتراك والإيرانيين وغيرهم من ديار الثبات والشتات الكردي، وهم يواجهون حالياً قصفاً حدودياً من الإيرانيين عبر حدود السليمانية ومن الأتراك عبر حدود أربيل وزاخو، ولم تعد النأر تُذكى بعودين كما قال الشاعر العربي وإنما بأربعة أعواد زايداً العود الخامس الأمريكي: أرى تحتَ الرماد وميض َ نارٍ ويوشكُ أنْ يكونَ لها ضرامُ فإنّ النارَ بالعودين تُذكَى وإنّ الحربَ أوّلُها كلامُ والكلام سيفُ قطاع يحرّك كل الألسنّة والرماح، فالبرلمان التركي قد أوغل فيه فأعطى الإشارة الخضراء ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قد أعذر من أن الزمام يفلت من عنان الصبر، والرأي العام المسيّس والمهّيج لم يبق إلاّ أن يندفع إلى الشوارع التركية على الطريقة العربية (بالروح بالدم، نفديك يا أم الحروب) والجيش التركي الذي قضمت أطرافه في الشؤون الداخلية بحاجة إلى ما يعيده إلى الصّدارة، وهل هناك ما هو أجذب للنفوس من حرب تلبس أوشحة الوطنية، وعلى الجانب الاَخر فإنّ رئيس الإقليم الكردي العربي مسعود البارزاني قد استنفر البيشمركة يعاضده رئيس الجمهورية جلال طالباني حيث ظهرا متشابكي الأيدي دليل وحدة الصف، وهذا شّجع حزب العمال الكردستاني على نصب كمين قتل فيه 15 جندياً تركياً وهي عملية يصعب تحمّلها بكل المقاييس المعروفة في هذا الصراع الذي اندلع داخل تركيا وعلى حدودها قبل 23 عاماً وحصد حتى الاَن 37 ألف قتيل من الجانبين لم تستطع دماؤهم أن تصنع أفقاً أحمر لنجوم سلام زرقاء.

 

ولا تصدقوا كل نداءات التهدئة التي تصدر من هنا وهناك فليست سوى إبراء للذمة أو هروب من التورط وقد قال مسؤول كبير في الحلف الأطلسي الذي يضم تركيا: إن الإرهاب الذي تواجهه أنقرة شأن داخلي لا يستدعي تدخلاً من الحلف. . وليفهم كل واحد الرسالة على طريقته.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s