النصر الضائع…

أصبح مذاق حرب 6 أكتوبر 1973كمذاق العلقم في ألسنتنا وأقلامنا لأنّ النصر الضّائع هزيمة مضاعفة في النظر الاستراتيجي حتّى وإن حفل (التكتيك ) بعشرات النقط المضيئة، فالعبرة في خواتم الأمور، وقد كانت الخاتمة مشهداً حزيناً على مسرح اللاّمعقول الكيسنجري بعد إحداث (ثغرة الدفرسوار) الشهيرة التي مثّلت ثغرة في الروح العربية وجرحاً غائراً لن يندمل إلاّ بنصر مبين. لقد أعلن الرئيس السادات يومها وفقاً لخطة (التحريك) لا (التحرير) أنه لن يستطيع محاربة أميركا التي نزلت بقوتها إلى سيناء بجانب الإسرائيليين فيما عرف ب(القطار الجوي)، ومن هذا الاعتراف المدمّر الّذي فَصَم الجبهة الجنوبية عن الجبهة الشمالية بعد أن تمّ قبل ذلك فصم الجبهة الأردنية عقب الكارثة الكبرى التي نزلت بها في حرب 1967 بأخذ الضفة الغربية أي نصف المملكة الهاشمية المقدّس حيث القدس والمسجد الأقصى الّذي بارك الله حوله، ومنذ اكتوبر 73 بدأ التيه العربي الّذي لم يبق له سوى ستة أعوام ليماثل التّيه اليهودي أيام موسى وفرعون ثم يوغل في الزمن إلى ما شاء له الله وعزائم الحكام العرب الّتي نسيت الفولاذ في تكوينها واختارت أن تكون من صلصالٍ من حمأ مسنون، فعرب ما بعد أكتوبر عملاق مهول بأقدام من فخار وهو يشبه (عوج بن عنق) في الأساطير الّذي كان حين ينام يضع رأسه في اليمن ورجليه في الشام، وقد مات بسبب الجراح الّتي كانت تسببها له القوارض حيث لا يصل نداء الأعصاب إلى الدّماغ. إلاّ بعد فوات الأوان حين تكون الجراح قد أتت على اللحم وحزّت في العظم.

نعم. . منذ أكتوبر ومحادثات الكيلو 101 وصولاً إلى زيارة الرئيس السّادات لإسرائيل وخطابه أمام الكنيست وحتّى (كامب ديفيد) الذي عارضه العرب الباقون بالكلام المُباح وغير المباح دون أن يتركوا للفعل فرصة ولا للعقل السياسي فسحة كما هي عوائدهم ولذلك خرجوا من مقاطعة مصر إلى مصالحتها فإلى مقاربتها كابراً عن كابر، واليوم يسيرون على خطى السادات فهم يهرعون إلى مؤتمر الخريف الّذي يعكف الرئيس الأمريكي جورج بوش وأركان إدارته على تزيين موائده كما زيّن الرئيس نيكسون وكيسنجر ومن بعدهم كارتر موائد المؤتمر المؤسس الذي جعل سيناء منطقة منزوعة السّلاح وشرّع الاستفراد بالفلسطينيين الّذين خاضوا اليمّ ولم يقدّروا أعماقه وأهواله حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فصم للضّفة عن القطاع ليسهل أكل قطعتي الجبنة معاً أو على انفراد حسب المزاج فيما سوريا مشغولة بنفسها وحليفها وباللح الذي ضاع منها في ربيع لبنان، والعراق (مقتول ياولدي مقتول) والمقتول لا يسمع فكيف ينُصر؟ (جبتك ياعبدالمعين تعينّي وجدتك تنعان) أربعة وثلاثون عاماً مرّت على حرب اكتوبر ونحن ندوزن أعوادنا على انتصار ضاع من أيدينا ونبحث عنه في الأكاذيب و(البروبوجندا) الإعلامية بحث بخيل (ضاع في التّرب خاتمه، ولا عزاء للمغفّلين) يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s