مرتزقة خارج القانون

مرتزقة (بلاك ووتر) الذين يقتلون بدم بارد مدنيين عراقيين عزل كما حدث في مذبحة ساحة النسور في بغداد ليسوا سوى قمة جبل الجليد في مأساة أرض الرافدين التي تتوالى فصولاً وقد سجل هؤلاء المرتزقة رقماً قياسياً في ذبح الناس من خلال مائتي واقعة مسجلة وموثقة وموضوعة أمام الكونجرس الأمريكي الذي ينطبق عليه قول المتنبي: يا أعدلَ الناس إلا في معاملتي فيك الخصامُ وأنت الخصم والحكم وطبعا فإن ما خفي أعظم فليس لهؤلاء سجلات لدى الجيش الأمريكي، وهم يكلفون بالأعمال القذرة التي يخضع فيها الجيش الأمريكي لمساءلة قوانين بلاده، حيث ترفض واشنطن الخضوع للقوانين الدولية وتجبر دول العالم المختلفة على الاعتراف لها بهذا الحق الذي هو من أعظم الأباطيل. ولاتظن عزيزي القارئ أن جيش المرتزقة مجرد (شوية نفرات) حسب التعبير العربي الاَسيوي الدارج بين العمالة الوافدة التي أغرقت دول الخليج من شبه الجزيرة الهندية وجزر الفلبين فإن أعدادهم في العراق تقارب عديد الجيش الأمريكي حيث يقدرون بمائة وعشرين ألفاً وأسلحتهم الفردية تفوق تلك التي بين الجنود الرسميين ولديهم الطائرات والمدرعات والهجامات وكل ما يخطر على البال ومالا يخطر من أسلحة القتل التي يجري تطويرها لحروب المستقبل. . أما رواتبهم فحدّث ولا حرج فراتب الواحد منهم يصل الى ألف دولار يومياً وهو رقم لن يصل اليه الجندي الأمريكي ودعك من المواطن العراقي (العطال البطال) الذي يأكل خبزه إن وجد على رائحة الشواء من المنطقة الخضراء ولذلك عندما تتحدث أمريكا عن مليارات تصرف في العراق لا ينصرفن ذهنك الى البنية الأساسية أو تحسين مستوى معيشة المواطن الذي يبحث عن طعامه في المزابل، وانما الى هؤلاء ومن على شاكلتهم ممن يمتصون دم العراق وبعد ذلك لك أن تتصور إذا كان هذا دخل المرتزق فكم مداخيل الشركات واصحابها من المتنفذين في دهاليز السياسة الأمريكية فصاحب ومؤسس شركة (بلاك ووتر) هو من كبار داعمي الحزب الجمهوري وضمن سياسة (شيّلني أشّيلك) فإن للداعمين الحق وفق الاعراف الأمريكية في أولوية التربح في عهد الإدارة الفائزة وعقود العراق التي تم تمريرها جميعا من تحت الطاولة بالتعاون مع رموز عراقية متواطئة تأخذ الفتات، قد تمت لتسديد فواتير من هذا القبيل وتحت حجة انها لا تخضع للقوانين الأمريكية فبترول العراق وعوائده مستباحة حيث لا رقيب ولا حسيب والناس مشغولون بأنفسهم لا بقضيتهم.

الجديد في أمر المرتزقة هو موافقة الكونجرس الأمريكي على مشروع قرار أمس الأول يقضي بإخضاع المتقاعدين الأمنيين في الخارج لسلطة القضاء الأمريكي وليس القضاء العراقي حيث يرش الناس كالذباب، ومع ذلك وكما يقول المثل (رضينا بالهم والهم ما رضي بينا) فقد تصدى الرئيس الهمام جورج بوش لهذا القرار معلنا اعتراضه قائلاً: إنه سيحمل الجيش الأمريكي ما لا طاقة له به، وسيترك اَثارا لا يمكن تحملها على أمن البلاد.

تأمل هذا المنطق وعليك أن تنفجر من الضحك أو من الغيظ وقارنه بالحديث الكاذب المكرر عن أمن وسلامة العراقيين وتذكر قول دهير: ومَهْماَ تَكن عند امرئ من خليقةٍ وإن خالها تُخْفىَ على النّاس تعلم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s