كان استاذنا في قسم الصحافة بجامعة القاهرة الدكتور خليل صابات يؤكد دائما على هشاشة الإنسان – الفرد وقابليته للكسر ويضيف إن الفرق بين شخص وآخر هو في كمية الضغط الذي يجعله قابلا للسحق، وكان المعنى في خاطره وخواطرنا كطلبة يتجه إلى الضغوط المعنوية التي تؤطر الكتابة للتجند في اتجاه ايديولوجي محدد لا يحيدون عنه، حتى يأتي عليهم حين من الدهر يتجاهلون معه خضوعهم للضغط ويعتبرون ما يقومون به عملا إراديا حرا ، وهذه مرحلة تعني نجاح غسيل الدماغ الذي أجري لهم والذي يؤهلهم لغسل دماغ الآخرين ولو بالمراسلة كما هو حال التعليم عن بعد. وفي تلك المرحلة (ستينيات القرن الماضي) كان التيار القومي الاشتراكي على أشده ويجد هوى كاسحا في أفئدة وعقول الجماهير ، ولكن في أوساط النخبة المخضرمة من رأي الجنوح إلى الاستبداد وتحكيم الهوى والقفز على الواقع ولكن أفواههم كانت مليئة بالمياه فهم لايستطيعون نبسا، ففي ظل أدلجة الثالوث والقضاء يمكن تلبيس أي شخص تهمة الخيانة أو التحريض على الحكم أو الترويج لأفكار هدامة وكفى بذلك ضغطا بالتهديد أو بالتلويح ،وأتذكر أن أحد الاساتذة وكان جهير الصوت فيما يعتقده ، قد جرى التربص به حتى ضبط في قضية إيجارية في عمارة كان يمتلكها، فجرى التشهير به على صفحات الصحف بالاسم والمهنة حتى أصبح يمشي في رواق الكلية كالتائه الذي لا يعرف لنفسه اتجاها، فيما العيون تتقحمه والألسنة تلوكه ، ويبدو أن الأمر قد تمت تسويته بطريقة حصاد محصول الضغط فإذا به قد عاد مغردا خارج سربه القديم فكوفئ ليكون قدوة بعد أن كان عبرة، ويبدو أن الدكتور خليل صابات الكهل الأنيق المتفرنس قد كان يلمح إلى أمر مثل ذلك بعد أن نأى بنفسه عن المدح والقدح واتجه بكليته إلى الدرس المحايد لا له ولا عليه.
على كل حال – ما هذا أردت ولا إلى ذاك قصدت وإنما هذا الكلام يأخذ بعضه برقاب بعضه ، وهل يكب الناس على وجوههم إلا بحصاد ألسنتهم، فالموضوع الذي أردت امتاع أو ترويع القارئ به وللناس فيما يعشقون مذاهب أثارته مجلة (صحة الرجل الألمانية) حين أجرت استفتاء ، عما يمكن عمله لقاء مليون يورو حلالا بلالا حيث أجاب 61% من الرجال بأنهم على استعداد للتخلي عن نسائهم (جنسيا) لصالح رجال آخرين ولو لليلة واحدة وذلك من أجل 05 ألف يورو فقط لشراء سيارة من الفئة الراقية، وعبر 82% من الألمان عن استعدادهم مقابل المليون للتخلي عن جنسية بلادهم والتحول إلى الجنسية الصينية رغم معرفتهم بما يرافق ذلك من تعقيدات تتعلق بالديمقراطية والحريات الشخصية ، ونلاحظ في السؤال سوء الطوية تجاه الصين التي أزاحت ألمانيا عن المركز الثالث في الاقتصاد العالمي ، ولا تشارك في هذا النوع من الاستفتاءات الافتراضية.
ما علينا .. فهناك دائما ماهو أرخص مما يشعر به المال بجبروته فقد قالت 50% من النساء أنهن على استعداد ، مقابل 50يورو فقط – يا بلاش – للصعود على كرسي في مقهى وإلقاء قصيدة فاضحة ، كما عبرت نسبة 8% منهن عن الاستعداد للنوم مع عجوز في الثمانين من عمره لقاء 500يورو فقط (لا تعليق) أما المجلة فعلقت قائلة: نشكر السماء لعدم وجود من يغري الألمان بالملايين وإلا لعانينا من كارثة.