شئون وشجون

إذا ما حالت أحوال الإنسان وتبدلت من ميسرة إلى معسرة ومن أمن إلى خوف ومن رجاء إلى يأس تبدلت معه الأحياء والحياة فهي تتوحش بتوحشه وتأمن بأمانه، فكيف إذا تقصد العدوان على البيئة وسوية الخلق، سواء بالرعي أو الصيد الجائر أو باللهو غير المبرر، أو بإجراء تجارب لتهجين الحيوان والنبات دون ضوابط، وقد شكا سكان مدينة البصرة بجنوب العراق من مخاطر حيوانات هجينة تجوب الشوارع ليلاً وتهاجم السكان مثيرة الذعر بينهم ونشرت صورة تم التقاطها بكاميرا تليفون لواحد من هذه الحيوانات المفترسة المرعبة فبدت القواطع الجانبية للفك كأنها لـ”دراكولا” مصاص الدماء في الأسطورة المشهورة وقد وصف الهجين بأن له مخالب طويلة ويصل وزنه إلى 14 كيلو جراماً وهو يتمكن من قتل أفاعي “الكوبرا” وكفى بذلك دلالة على خطورته وبشاعته، لأن أغرب ما في وجوده ظهوره على حين غرة وانتشار الإشاعات التي حولته إلى عدو مبين رديف للاحتلال الانجليزي لثاني أكبر مدن القطر العراقي الذي يصارع الطوفان المتدفق من كل الانحاء ولم يكن ينقصهم سوى هذا الحيوان الذي لم يجدوا له اسماً بعد يليق بمواهبه ووقانعه السوداء، وقد اضطر الناطق العسكري البريطاني إلى خوض حرب الشائعات لإدراكه لجسامة ردود الأفعال فقال: إن هذه الحيوانات محلية ولكنها نادرة ورغم ضراوتها فإنها لاتهاجم الانسان إلا إذا استفزها.. ولكن من يصدق من في أزمنة الحرب والبلاء؟ فالانسان يغص بالعدو كما يغص بالماء:

إلى الماء يجري من يغص بلقمة

إلى أين يجري من يغص بماء

وفي البحرين هاجم غراب المواطن حسين عيسى (30عاماً) فاقتلع بمنقاره إحدى عينيه، ولم يكد يصحو من صدمته ويركض هارباً باتجاه سيارته حيث كان في طريقه إلى العمل حتى جاءه غراب آخر طالباً عينه الثانية إلا أنه تمكن من تغطية وجهه بيديه قبل أن يدلف إلى السيارة بعين واحدة ويبدو أن ثأراً ما بينه وبين الغراب قد نشب وادى إلى سوء الفهم المؤسف هذا ومن المعروف أن الغربان لاتنسى ثأراتها ابداً خاصة وانها كما ذكر قد اتخذت من سطح منزله مستراحاً لها وغالباً ما تتعرض هذه الطيور لايذاء الأطفال، فينطبق هنا المثل القائل “يفعلها الصغار ويتحمل نتائجها الكبار” والمثل الشعبي يقول: إصبر على مجنونك فقد تستبدله بمن هو أجن منه، ولذلك فإن على كل واحد أن يصبر على غربانه وما أكثرها في زمننا.

وحتى لانختم بما يجعلنا نتخذ من الحيوان المسكين عدوا نذكر بمقولة الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومات: إذا أردت صديقاً في واشنطن عليك بشراء كلب ويقال أن كل الرؤساء وسكان البيت الأبيض والمرشحين لكل أنواع الانتخابات أخذوا هذه النصيحة بجدية بالغة.. ولله في خلقه شئون.

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s