شارك نحو مائة مليون إنسان من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الاعراق والملل والنحل لاختيار عجائب العالم السبع الجديدة – القديمة، وإنما قالوا الجديدة وفقاً للذائقة العصرية والثقافة المشتركة التي تنتشر حول العالم بمقاييس السياحة او المقاييس التجارية حسب تعبير «اليونسكو» التي تمتلك قائمتها الخاصة بالتراث العالمي والتي ذكرت في بيان رسمي وعدم وجود أدنى مقارنة بين المبادرة الاعلامية لعجائب الدنيا السبع الجديدة والعمل العلمي والتربوي الذي ينتج عنه إدراج المواقع على قائمة التراث العالمي.
ويمكن التوفيق بين الاتجاهين بشعار ماوتسي تونج إبان الثورة الثقافية الكبرى التي دمرت الصين في القرن الماضي ، بدلاً من بنائها المرجو .. دع ألف زهرة وزهرة تتفتح.. فالعالم مليء بالعجائب، وسيظل الانسان يبدع منها ما يعشقه الزمن ليصبح عجيباً في عيون العجائب.
وبالمقارنة والقياس فإن حضارتنا المعاصرة قدمت من العجائب اضعاف اضعاف ما انجزته الانسانية على مدى تاريخها المكتوب، فالصين على سبيل المثال وهي قارة بمساحتها وسكانها وامكانياتها التي كانت حبيسة فانفجرت .. وتعد اليوم ثورة عمرانية في مجال السدود العظمى وسكك الحديد الشاسعة والصناعات التي تنمو كالطحالب والفطر لتغرق العالم انتاجاً بضائعياً وسلعاً معمرة، ربما يفوق معجزة سور الصين العظيم الذي حاز الرتبة الاولى في الاستفتاء العالمي، وقد احتفلت كل البلدان التي حظيت بشرف دخول القائمة الجديدة الا الصين فقد تجاهلت حتى النقل التلفزيوني لإعلان العجائب من لشبونة كأنها المعنية بقول المتنبي:
أنامُ ملء عيوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصموا
وإذا نظرنا الى دبي وهي مجهرية قياساً بالعين فإنها تبدع من العجائب ما يفوق كل خيال.. اما مصر فلم تكن راضية عن فكرة العجائب السبع الجديدة منذ ان كانت فكرة حتى اصبحت حدثاً، وقد اشتمت في هذه التظاهرة شيئاً مريباً فاعلنت ان الاهرامات لن تدخل في هكذا ألاعيب مشبوهة وحرّمت بصفتها الوريث الشرعي لهذا التراث الانساني إدراج اهرامات الجيزة في القائمة ، فكان لها ما ارادت ،و لكن هل تستقيم عجائب الدنيا بدون الاهرامات؟
أدرك القائمون على الاختيار مأزق الصدقية الذي يواجهونه فأعلنوا اهرامات الجيزة «عجيبة شرفية» على اساس أنها الاثر الوحيد الباقي من العجائب السبع التي اختارها اليونانيون قبل ألفي عام والذين لم يدرجوا فيها «سور الصين» رغم انه أُنجز قبل ذلك بمئات السنين، ويبدو ان البعد الجغرافي وضآلة المعرفة بالشرق الاقصى كانت وراء ذلك التجاهل ، فالعجائب اليونانية كانت في حوض البحر الابيض المتوسط المجال الحيوي للامبراطورية آنذاك والتي اصبحت «الاسكندرية» وريثة كل علومها وفيها المنارة التي كانت احدى اهم العجائب بعد الاهرام.
يبقى الأسى ل«قصر الحمراء» الذي تغافل عنه جماعة «السوبر ستار» العجائبية رغم انه يستقطب اكثر الزوار عالمياً كأثر مفرد، ويقول الفنان الاسباني خواكين: «إذا لم يحصل قصر الحمراء على اللقب فلأنه تحفه ليست من هذا العالم، انه افضل من كل عجائب الدنيا ،و النتيجة لا تغيّر قيد انملة من تاريخه وجماله» ونقول: الناس من يلق خيراً قائلين له: ما يشتهي ولأم المخطئ الهُبل.