فرق شاسع

الفرق شاسع بين عالمين.. عالم يحاسب المسؤولين عن أعمالهم باعتبارهم مكلفين ومستأجرين من قبل الشعب وليس للأجير غير تجرته المتفق عليها والشكر والتقدير إن أحسن، أما إذا أساء وتربح من منصبه أو مد يده في الظلام فليس له سوى الفضح والتشهير وقفص العدالة والنبذ الذي ما بعده نبذ بحيث تلفظه الأسواق وتتقززه الأذواق وينفى إلى كآبة أين منها واق الواق.. وعالم آخر حكمته الأثيرة: “إن سرقت اسرق جمل”، أي أنه من العار ومن الجبانة ومن سوء المنقلب أن تسرق ما يسد الرمق ويقيم الأود، فإذا كان المشروع وطنيا فليكن نصف موارده إلى جيبك وإذا كان محليا فالثلثان، وإذا كان غير قابل للسرقة مثل الهبات والمساعدات المجانية التي تقدمها دول ومنظمات أجنبية وتشترط الاشراف عليها وتسلم دفاترها المحاسبية، فلا تفسح طريقا أمام مثل هذا المشروع للتحقق على أرض الواقع ولو على دمك، لأن النزاهة تعدي وأنت لست بحاجة إلى مثل هذا الوباء. سمعت صديقا ينصح متنفذا في طريقه إلى الوزارة بالقول: بطل المثاليات الفارغة والكلام الذي لا يودي ولا يجيب فأمامك سنتان أو ثلاث لا غير، فاحذر أن تغيب عنك الشمس وأنت خالي الوفاض. خذ بيديك ورجليك وأسنانك، لأن الله وحده هو الذي يعلم إن كنت ستكلف بوزارة أو ما أشبه في المستقبل أم لا. أمن مستقبلك واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا. وكان المخاطب بفتح الطاء يؤمن على النصيحة بهز رأسه مع الاستغراق في التفكير حول الكلام الذي ينبغي أن يقوله للتمويه على الفعل الذي ينبغي أن يفعله، وفي أعماقه كان يردد مع الشحرورة “صباح” أكلك منين يا بطه!! وقد طبطب الناصح على ظهر المنصوح وهو يودعه بالقول: عليك أن تعرف من أين تؤكل الكتف.

شتان بين عالمين، عالم يحلق شعر الرأس وهو نظيف ومغسول جيدا بالشامبو لأن هناك احتمالاً لأن يستوطنه القمل، وعالم يهنئك بالنظافة وهو يرى القمل وقد نبتت له أجنحة قائلا: بوركت “الكناري” يا صاحب الغبطة.. قرف في قرف.

بالأمس تحدثت صحيفة “البطة العرجاء” الفرنسية المتخصصة بمتابعة الخفايا والأسرار عن بطاقة ائتمانية لدى الفرنسية الأولى سيسبليا زوجة الرئيس الجديد ساركوزي تمكنها من الصرف من حساب قصر الإليزيه (أموال عامة) فقامت الدنيا ولم تقعد حتى غصت المسكينة باللقمة التي لم تدخل حلقها بعد، وإنما من الخوف، وقد تخلت عن البطاقة فورا كأنما كانت محتفظة بثعبان وقالت أنها لم تصرف منها سوى قيمة فاتورتي غداء بـ129 يورو و272 يورو.. ويا دار ما دخلك شر.. توبة نصوحا.

السيدة الأولى (على عيني وراسي) إنما ذلك تشريف أما الأموال العامة فتكليف وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s