ميلاد نجم في المجرة…

14 مايو 2007
ميلاد نجم في المجرة…
سعدت أمس الأول أيما سعادة بقراءة العدد الأول من جريدة (السياسية) اليومية التي تصدر عن وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، وتُطبع في وقت متزامن في كل من صنعاء وعدن، لتوزع في جميع محافظات الجمهورية، ويرأس تحريرها الصديق الأستاذ/ نصر طه مصطفى رئيس مجلس إدارة (سبأ)، أما أركانه من المتمرسّين الميدانيين فهم: راجح علي الجبوبي نائب رئيس مجلس الإدارة ونائب رئيس التحرير، ومحمد راوح رئيس التحرير التنفيذي والمدير العام، عدنان الصنوي مدير التحرير ونائب المدير العام، عبدالله الشرعبي وعلي التوهمي نائبا مدير التحرير، وعبدالله الحسامي، عقيل الحلالي، عبدالحميد المساجدي، وأحمد غراب سكرتيرو التحرير. ويبدو لي أن هيأة الأركان هذه هي الأوسع نطاقاً في الصحافة اليمنية، وآمل أن تؤكد الأيام قدرتها على التناغم فيما بينها داخل المطبخ الصحفي، ثم قدرتها على اختراق الجسد الصحفي الذي لا يستفزه أمرٌ مثل صحيفة منافسة قوية الشكيمة، واسعة الخيال، لا تعتنق الكسل، ولا ينتابها الملل، ولا تتعب من التفتيش في الزوايا عن قضايا الناس وهمومهم ومتاعبهم اليومية، خاصة وأنها تمتلك أوسع شبكة من المراسلين العاملين لدى وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، والذين سيتمرّسون مع الوقت والتوجيهات الصائبة على التمييز بين عمل الوكالة كمصدر وطني لجميع الصحف، وعمل الجريدة التي تطمح إلى الإنفراد والتميز والسبق على المنافسين، وفي هذا السياق تبدو التحقيقات الصحفية المهنية ميداناً فريداً يجدد ماء الجريدة ويجعلها تضع يديها على الموهوبين من الصحفيين الذين يجمعون بين حُسن التقاط الخبر (السبق)، والنفاذ إلى ما وراء الخبر، إضافة إلى المقدرة على الصياغات الرشيقة بعيداً عن تأتآت الهواة المبتدئين، وبعضهم لو قض عمره كله في مهنة المتاعب لا يستطيع تجاوز أوله، وهنا تأتي قيمة المطبخ الصحفي (الدسك) لعمل “الشربات من الفسيخ” كما يقول إخواننا المصريون الذين عرفوا الصحافة وعانوها منذ قرن ونيف، ما بين رصانة وإثارة، ودعاية ودعابة، ورسالة ونجارة – حتى لا أقول تجارة – كما هي حال بعض الصحف المطروحة في الأسواق لمن يدفع أكثر، وتلك اللندنية الصفراء التي شعارها “إدفع بالتي هي أحسن”.
بالنسبة للجمهور فإن (السياسية) التي صدر منها عشرون ألفاً وثلاثة وثلاثون عدداً حسب المثبت على غلافها، حيث صدرت لأول مرة أوائل العام 1968 إبّان حصار صنعاء كنشرة سياسية راصدة محدودة التداول، لا يعني ذلك التاريخ السرّي – إذا صح التعبير – شيئاً له، ولا يحسب لها أو عليها، وبإمكان “محدودة التداول” أن تبقى راصدة لما لا يقال للعموم مما توحي به النجوم، أما للقراءة فإن هذا الذي صدر أمس الأول هو العدد الأول ومنه يبدأ الحساب والعقاب، والجزاء والثواب، وقد جاء العدد غنياً متنوعاً مشوّقاً إخبارياً وثقافياً، ومنوعات وتحقيقات على جانب كبير من الأهمية والخطورة، وإن كانت الصفحة الأخيرة قد ملأتها الإعلانات عدا مقال الزميل المخضرم سالم باجميل، الأمر الذي أفقدها بهجتها كصفحة أولى/ثانية، يبدأ كثير من الناس قراءة الجريدة منها، وعلى كل فما من مشكلة في الصحافة إلا ولها حل.
وبالحساب البارد فإن وراء الصحيفة تجربة 29 عاماً من الغوص في المغاصات الإعلامية التي تتدفق من وكالات الأنباء ومن المراسلين، وتجربة مثيرة في انتقاء الباقات ذات الحرارة العالية كورود الربيع، والتي كانت تقدم إلى المسؤولين اختياراً وترجمة، وهذا يجعل المراهنة على جواد (السياسية) عالياً، وقد شهدت بنفسي جانباً من تهافت القراء على العدد الأول، والمهم دائماً هو البداية، فبعض المشاريع يولد ميتاً كالجنين المجهض، وبعضها الآخر يولد فتياً متوثباً يضج بالحياة وقابليات النمو الطبيعي.
إن ميلاد صحيفة يومية ناجحة في بلد كاليمن هو مثل ميلاد نجم جديد في المجرّة، وأجمل ما فعلته (السياسية) أنها لم تذهب إلى “الكوافير” كما تفعل العرائس، وتلطخ وجهها بالمساحيق، وإنما تركت الحبل للقارئ على الغارب، ليقدم العمل نفسه دون إطراء من “أم العروسة”…
مبروك…

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s