انفض سامر مؤتمر استكشاف الفرص الإستثمارية في اليمن بعد أن بعث من الآمال ما بعث، ونثر من الوعود ما نثر، وقد تزيّنت له صنعاء فبدت كالعروس المجلوّة، تتنقّب بالسحب الحانية، والأنسام اللطيفة، وتباهي بعمارتها التي لا تشابهها عمارة في المشرقين والمغربين، وبصناعاتها اليدوية المبهرة تخرج من أيدي صنائعيين مهرة، الأمر الذي أسال لعاب المستثمرين السياحيين رغم أن الوقت لم يسعفهم لرؤية المحيط الأخضر، والمدرّجات التي تنافس سور الصين العظيم في القدم، وهي مبنية على سفوح الجبال بإحكام وإتقان، وتلك القمم الشاهقة في جبال المحويت وسمارة وصبر في تعز وحجّة، وكذلك الشطآن الزمردية البكر على البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، حيث الهوى يماني.
على كل حال في الوقت متسع لكل ذلك، ومن قصد البحر استقل السواقيا كما يقول أبو الطيب، وهذه ليست سوى بعض كنوز الطبيعة ، وما أبدعه الإنسان على مر الزمان، أما ما في باطن الأرض من البترول والغاز، فقد أسال لعاب الصناعيين المتكاتفين على مستوى العالم، وهي ثروات لها عوائد أكثر من مضمونة، ومطلبها الوحيد هو الإستثمار لكي تُستخرج وتسد الطلب المحلي، ويصدّر ما فاض منها، وكما نعلم فإن العالم كله متعطّش للنفط والغاز، وقد وصلت الأسعار إلى مستويات تعوّض أي خسارة في البحث والحفر والإستخراج، وفي زمنٍ وجيز. أمّا اقتصاد الطاقة وتحلية المياه فقد قال الرئيس علي عبدالله صالح للمستثمرين: “نحن كدولة سنشتري منكم كامل الإنتاج، فهل بعد ذلك من ضمان” وقسّ على ذلك باقي مجالات الإستثمار.
اليمنيون على اختلاف مشاربهم تابعوا باهتمام بالغ هذه التظاهرة التي لم يسبق لها مثيل، وربما كانوا في أعماقهم يتمنون أن لا تكون في وضع تلك المعشوقة التي خاطبها الشاعر بقوله:
ما أنت والوعد الذي تعدينني=إلا كبرق سحابة لم تمطر
ما علينا… فقد اجتهدت الحكومة برئيس وزرائها الجديد الدكتور علي محمد مجوّر، ونحن نقول أن “لكل مجتهد نصيب” كما أن كل مصلّ يحلم بالمغفرة.
الرئيس علي عبدالله صالح في خطابه الافتتاحي اعتمد ما قلّ ودلّ، مؤكداً “حرص اليمن على إيجاد شراكة حقيقية مع أشقائها وأصدقائها، تقوم على المصالح المشتركة، وستقدم لهم كافة التسهيلات القانونية، وتبسيط الإجراءات، وإزالة المعوّقات عبر نافذة واحدة وهي الهيئة العامة للإستثمار”.
ولم يفعل الرئيس كأولئك الذين يقولون “لا تقربوا الصلاة” ثم لا يكملون، فقد ذكر “أن التسهيلات التي ستقدم للمستثمرين تحتّم عليهم البدء في تنفيذ مشاريعهم خلال فترة تبدأ من 3 أشهر وأقصاها 6 أشهر، بحيث لا تظل الأراضي بيد المستثمرين غير الجادين لفترات طويلة”… منتهى العدل والإنصاف لطرفي المعادلة.
معالي عبدالرحمن العطيّة الأمين االعام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أغنى مفهوم المشاركة بين دول الجزيرة العربية حيث قال: “يتطلّع الجانبان لوضع أسس للعلاقات المشتركة تتجاوز العلاقات التقليدية لتمثّل إضافة استراتيجية للمنطقة، فوجود اليمن بإمكانياته البشرية والطبيعية، وموقعه الاستراتيجي الهام يعزز عناصر القوة الشاملة الواقية لدول المنطقة، فاليمن هو خاصرة الجزيرة العربية ودرعها الواقي”.
صحّ لسانك، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، ومن الله التوفيق