كنت أتمنى خلال زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الى الإمارات مؤخراً لو كان برنامجه يسمح بزيارة المدرسة النموذجية التي أنشأها الشيخ سعيد احمد لوتاه في دبي ضمن اهتماماته العلمية الواسعة النطاق والتي تضم – أي المدرسة- 170 يتيماً من الجمهورية اليمنية يدرسون على نفقة هذا الشيخ الجليل وجميعهم في عمر الزهور،
ولكنهم يتوقدون ذكاء، ولديهم – سبحان الله – قابليات للحديث باللغة الإنجليزية والتعامل مع الكمبيوتر والخطابة البليغة باللغة العربية ويعيشون في سكن داخلي متكامل مع عشرات غيرهم من أيتام العالمين العربي والإسلامي وبعض القاطنين في دبي من الأسر المواطنة، وأولاد الشيخ سعيد تخرجوا من هذه المدرسة وهم الآن بين ألمع رجال المال والأعمال في دبي.
وتحتوي المدرسة إضافة الى التعليم العام أقساما مهنية للتأهيل، وقد استلهمت في نظامها التعليم العربي القديم حيث يوجد الطالب على مدار الساعة بجانب أستاذه، ويقضي جل وقته في مدرسته ودراسته ربما بما يزيد عن 12 ساعة يوميا لأن الشيخ -وفق نظريته التعليمية- يرى أن هدر الوقت كهدر المال وكإهدار الحضارة، وأن بالإمكان أن يتلقى الطالب في مدرسته في سنتين ما يأخذه غيره في أربع سنوات وفق الآلية العقيمة للدراسة الرسمية التي تبنيناها دون أن نفكر بها. أما الفكرة المحورية في هذه المدرسة فهي أن لا يصل الطالب الى سن البلوغ (15 عاماً) إلا ويكون مؤهلا يستطيع إعالة نفسه وأهله، أما الاستزادة من العلم فأمامه العمر كله من المهد الى اللحد، وقد أنشأ الشيخ سعيد جامعة آل لوتاه العالمية للدراسة عبر الإنترنت بحيث يستطيع الطالب او الطالبة من منازلهم او أعمالهم متابعة دروسهم في اي وقت يناسبهم خلال الساعات الأربع والعشرين.
وعلى كل حال فإن مؤسسات الشيخ سعيد تضم عدداً كبيراً من هؤلاء الخريجين وقد تحدثت الى بعضهم وإلى رؤسائهم فكان الانطباع إيجابيا جداً، لأن المدرسة تهتم بالتربية اهتمامها بالتعليم وتنتقي أساتذتها تحت هذه المظلة. وقد اهتمت بلدان عربية كثيرة بالتجربة المعترف بها من قبل المنظمات العربية المعنية بشؤون التربية والتعليم، ووقعت اتفاقيات ينهض بموجبها الشيخ سعيد بتأسيس مدارس مماثلة بالتعاون مع المؤسسات الرسمية. وقد حضر وفد من وزارة التربية والتعليم اليمنية لهذا الغرض برئاسة الأخ حسن باعوم وكيل الوزارة وكنت مرافقا لهم، وقد اطلعوا تفصيليا على التجربة وأعجبوا جداً جداً بمستوى الأيتام من فلذات أكبادنا وكانوا في غاية الحماس، وتم وضع مسوّدة اتفاقية على غرار ما تم توقيعه مع بلدان أخرى، وتفاءلت شخصيا بأن بلادنا سوف تختبر في تربتها الخصبة تجربة مميزة ورائدة وبمساهمة كريمة من محسن كبير، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، فما أن عاد الوفد الى صنعاء لتداول ولعرض ما لديه حتى سكتت شهرزاد عن الكلام المباح، ولا أريد أن أقول أكثر، لذلك تمنيت لو كان برنامج الأخ الرئيس يسمح بمثل هذه الزيارة، لعل توجيها كريما يفتح الباب على مصراعيه، وليس ذلك على الله بكثير.