المساج بلغة الإفرنجة أو التدليك بلغة أبي الأسود الدؤلي ومن نحا مَنحاه من سيبويه تلميذ الخليل بن أحمد الفراهيدي، وحتى علي الجارم بك صاحب النحو الواضح الذي عليه تربينا، وبعمرو وزيد ضُربنا، وضَربنا بعد أن أصبحنا معلمين، أقول هذا التدليك الذي اختصّ به الشرق الأقصى عموماً وأهل تايلاند خصوصاً في وقتنا له أقدامٌ طبية يقف عليها بدون شك، وأهمّها تنشيط خلايا الأعصاب التي تنبع من تلافيف المخ، وتسري في جسد دمي، حتى تصب في قاع القدمين، فإذا ما نُبهت بالضغط واللكز والوخز بأعواد خاصة سرى ذلك فيها سريان الكهرباء في الأسلاك، وصولاً إلى الدماغ، في عملية معاكسة للسيرورة الأولى، ذلك أنهم يقولون أن الخلايا شأنها شأن صاحبها، ينتابها الكسل، وخاصة مع التقدم في العمر، فتعمل بنصف أو بربع طاقة مما هي لدى الشاب، وقد تتوقف تماماً لدى أولئك الذين لا يتحركّون، وبذلك يصاب الجسم بما يشبه التسمم، لأن الخلايا الميتة على مدار الساعة لا تجد من يسحبها خارجاً، فكأن الإنسان تحول من الداخل إلى مكب قمامة لا يلبث أن يتفسخ ويتحلل وصولاً إلى الفناء المختم.
ويبدو أن آباء التدليلك الحقيقي هم الصينيون، ولكن ربّ تلميذ غلب أستاذَه، وعلى كل حال فالجماعات البوذية وأولاد عمها يعتبرون أنفسهم يتغذون من مائدة واحدة، “ومن سبق أكل النبق”، إضافة إلى أن العلم شيء والتطبيق قد يتفنن فيه آخرون، لم يكونوا أصحاب العلم، وذلك ما برع فيه اليابانيون عقب الحرب تقليداً حتى تمكنوا في الإبداع، وكذلك يفعل الصينيون اليوم، ومن ورائهم نمور آسيا، أما عرب الدنيا فمازالوا ينتظرون صلاح الدين وخالد بن الوليد، ولا بد من إغفاءة حتى يأتي البريد من الماضي البعيد.
أقول إن المساج الذي يأتي إليه الناس من غرب آسيا، ومن أوروبا، والأميركتين، ومن سهوب روسيا، فيقول بعضهم والله إن مجيئي ليس خسارة، يكفي المساج، وخاصة مرضى السكري الذين يعدون بعشرات الملايين حول العالم. وما يمكن قوله هو أن سوق المساج مليء بالغش، ذلك أنه ليس كل ما يلمعُ ذهباً، وما كل من ركب الفرس قال أنا فارس، فبعض المحلات – وما أكثرها وخاصة في المناطق السياحية من بانكوك، وفي بتايا، وفي بوكيت في الجنوب، ولن أتحدث عن الشمال حتى أذهب إليه، – تتخذ من التدليك عرْضاً تجارياً، وربما مزجته بشيء من البهارات التي تعرفون، والتي لا تغيب عن فطنتكم، صحيح إن المظهر الخارجي واحد، ولكن العمد على النتائج، وقد نأتِ المستشفيات بنفسها من هذا العلاج، إلا للضرورات المحصورة في الحد الأدنى.