كل خميس:الطريق الى يافع

انطلاقا من عدن التي توسعت حدودها الادارية فشملت ضمن ما شملته «دار سعد» ثم تقدمت شمالا مع حركة العمران التي جعلت من «الحوطة» اللحجية ضاحية من ضواحي العاصمة الاقتصادية بعض هذا الذي تحتمة المصلحة العامة يترك ظلالا من الحسرة في نفوس بعض الممتعلقين رومانسيا بالماضي كأن فيه ثلم لهوية ما وهذا امر لصيق بالنفس البشرية فلا يستقطع شيئ من شيء الا وترك بعض الالم الذي لا يلبث كر الايام والليالي ونشوء المصالح الجديدة حتى يردمه ويسوي ما كان فتقا ولقد كانت عدن نفسها ذات يوم ضاحية للحوطة اللحجية التي لم يطلها العمران ولا لمسات الجمال الآن فظلت في جلبابها العتيق الذي تضوع منه روائح الكاذي والفل وسبحان من له الدوام يغير ولا يتغير.
484582794

ما بين عدن «والحوطة» طريق فسيح يكاد ان يكون «اوتو ستراد» مما تعتز به الدول وتعتبره ضمن فقرات العمود في البنية التحتية لما يسهله من مصالح ويربحه من اوقات ويحميه من رواح اما ما بين الحوطة ومفرق العند الذي يفرع الطرق الى صنعاء والضالع ويافع في اتجاه وتعز وما صاقبها واقترب منها في الاتجاه الآخر اي ما بين عدن ولحج وكل انحاء الهضبتين اليمنيتين الوسطى والعليا فحدث عن ذلك الطريق الذي يشبه الثعبان الغادر ولاحرج فهو من الضيق من الهشاشة ومن الاهمال ومن الخطر الجسيم بما يمكن اعتباره مسبه علما انه شريان اقتصادي وحدوي والكثافة المرورية فيه تشبه كثافة الازدحام داخل المدن وتسير في ذلك الخيط الرفيع كل انواع السيارات جنبا الى جنب دون فاصل بين الذهاب والاياب وكل تجاوز عليه هو مشروع للموت اما اذا صادف مرورك مع نزول مجانين القات الذي يجيدون عجن اللحم بالعظم بقطع الحديد فما عليك الا تجنب الى اقرب ظل شجرة حتى ينتهي ذلك السباق اللعين ومن الواجب لفت السلطات الى هذا العنا؟ء والبلاء العظيم خاصة ان اليمن الآن تحوز على خبرة في الاشغال العامة وانشاء الطرق يشهد لها القاصي والداني واذا كانت اولويات على مستوى الجمهورية فهذا الطريق على رأس القائمة والى الحبيلين التي نمت وشبت عن الطوق فتية ذات اسواق وعمارات وفلل حتى انها فاقت عاصمة لحج الحوطة وكل السيارات القادمة من صنعاء وذمار والضالع ويافع تعبر هناك ولكن الحبيلين وبالذات شارعها الرئيسي الذي يتم النفاد منه بشق النفس اصبح مكب قمامة ومرعى اغنام والى الشارع يرمي كل شيء وما من احد يقول لاحد قف عند حدك، لا ادري اذاكان المسؤولون المقلدون بالامانة في اعناقهم وسيسألون عنها ان لم يكن في هذه الدنيا الفانية ففي الاخرى، يكلفون انفسهم النزول الى الميدان ومعهم اركانهم ام انهم في مكاتبهم حيث الزمر والطبل وكله تمام يا افندم، من هناك تبدأ الطريق الى العسكرية فيافع ورويدا رويدا ندخل في تحولات الطقس وتبدلات المنظر فالسهل الردفاني الفسيح يضيق حتى يصبح مثل ثقب الابرة في وادي يهر الذي ابدع فيه عتاولة الاشغال ممن ينحتون الصخر فاقاموا طريقا ولا اجمل انتزعوه من فم المستحيل ثم صعدوا به نقيل الخلا وما ادراك ما نقيل الخلا فقد اخد اسمه ربما لانه كان محمية للذئاب والوحوش ولكنه الآن مستأنس أليف يفضي بالمسافر الى رحابة الهضبة اليافعية العليا وللموضوع صلة.


2
الخميس 27 إبريل-نيسان 2006

على مطمئنٍ من سفوح الجبال في الهضبة اليافعية تنتشر مئات القرى التي اتصل بعضها ببعض، فتلاحمت دون ان تتشابك مكونة مدناً ريفية لا ينقصها البهاء ،و لكن تنقصها الخدمات، وهذه القرى المتضخمة في وضعها الراهن «مثل النعامة لا طير ولا جمل».
.385114467

وأبرز مايلاحظ إن مشروع المياه التي جرى جرّها من قيعان وادي بنا الى قمة جبل «الحقب» في الموسطة ، ومن ثم تفرع الى قرى الهضبة من لبعوس حتى المفلحي قد جلب معه مشكلة المجاري، وهي مشكلة بيئية قاصمة، فقبل مشروع المياه كان استخدامها محدوداً جداً يتناسب مع طاقات التصريف التقليدية ، اما الآن فحدّث ولا حرج، وكل يوم يمر دون تفكير جدي في حلول مناسبة يزيد الامر تعقيداً، ومع زحمة القرى فإن مشاكل عديدة تنشب بين المتجاورين والمتساكنين بسبب ذلك، ناهيك عن التأثير على المياه الجوفية بسبب حفر بيارات المجاري بالقرب من آبار الشرب والري بعد ان دفع الفائض السكاني الناس الى سكنى الوديان التي لم يعد الناس يولون زراعتها الاهمية اللازمة لضحالة العائد وقلة اليد العاملة بسبب الهجرة وغلاء اليد الوافدة قياساً الى الناتج ، وكذلك ما اصاب المرأة التي كانت الدينامو المحرك للزراعة والحطابة واعمال الري بجانب اعبائها المنزلية ، فضربتها الافكار القادمة من مدن العصور المظلمة التي عاملت المرأة كجارية لا تخرج من دارها الا مرتين: مرة الى بيت زوجها وثانية الى قبرها والعياذ بالله، ومع اضمحلال دور المرأة وضمور الزراعة التقليدية ، فما ثم الاّ ما يفي بحاجة بعض الحيوانات من الأعلاف، ولو كانت هذه تأكل اللحوم كالناس لأكلت مما يأكلون وكفى الله الناس شر الزراعة وما يزرعون في زمن موصوم بالاستهلاك، طبعاً هناك واحات في اكناف الجبال وبالقرب من مسارب السيول مازالت تعطي من بقلها وقثائها وثومها وعدسها ، ولكن على خجل، وبدأت تظهر بعض الزراعات «المنزلية» من اشجار مثمرة وقضاء بعض متطلبات المطبخ اليومية لتكون في متناول المرأة القابعة وراء الجدران.

عودة الى الماء فثمة مخاوف عليها دلائل وليست من بنات الهوى من تعثر هذا المشروع الذي كلف الدولة 57 مليون دولار بسبب الجفاف وكثرة ما يحفر الحافرون على ضفاف «بنا» من منبعه في السدة بيريم حتى مصبه في أبين، ولذلك لابد من إقامة «ماراثون» مع الزمن الذي لا يخلف وعده ولا وعيده وذلك بإقامة حواجز عبر الوادي تساعد على إعادة تخزين مايجري انتهابه من مياه، وبسبب التطور الحضري فقد حسبت ذات يوم قياساً بطفولتي ان ما يستهلكه الفرد حالياً ربما فاق المائة ضعف ما كنا نستخدمه ، فإذا أضفت الى ذلك الانفجار السكاني فلا تسأل عن الخير النبيت، وتأتي الكهرباء التي اصلاها الشعراء ناراً تفوق نورها ونيرانها لهشاشتها وضعف بنيتها وهوانها على الدولة وعلى المستثمرين وتلاعبها بالناس في اماسيهم ، اما في نهاراتهم فهي في خبر كان وحتى إشعار آخر، وقد زادها غلاء الديزل جموحاً فارهقت الناس من امرهم عسراً والامل الآن معقود على الربط مع الشبكة الوطنية و «ياذي صبرتي سنة زيدي ثمان»، وقد قيل وليس كلما يقال يستكال، كما انه ليس كلما يلمع ذهباً، ان المشروع قد وضع في المناقصة، وما ادراك ما المناقضة، لأن دهاقنة التلاعب بالمصطلحات يبيعونك السمك وهو لما يزل في البحر، وحين تستفيضهم يقولون ان البحر هائج والاسماك قد هاجرت و«منك الصبر ومنّا الوفاء» .. موت يا حمار

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s