دفاتر فضل النقيب.. لطفى نعمان

بقلم لطفي نعمان

لطفي نعمان
لطفي نعمان

متعةٌ ما بعدها متعة، عندما تطوف في حديقة ذكريات الأديب فضل النقيب الذي أصاب في وصفه الصديق العزيز معالي وزير الثقافة الأستاذ/خالد الرويشان حين قال عنه: “رقة شاعر، وموسوعية مثقف، وشغف فنان، وأريحية زعيم”..
الأديب النقيب غَرَف من منهل ذكرياته العذب وصبّها في كتاب «دفاتر الأيام» وهي مجموع مقالات نُشِرت في صحيفة “شبام الحضرمية” في الجمهورية اليمنية عام 1998م عقب نشرها في صحيفة “الاتحاد” الظبيانية بالإمارات العربية المتحدة حيث يقيم.. ويعمل ملحقاً ثقافياً بسفارتنا هناك، وليس يكتب فقط.. أما الكتابة.. لله دره ودر قلمه.. فحيثما استقر وحط رحاله؛ في مقر إقامته، أو في مكتبه، وحتى في مقر إجازته.
لم يبالغ أحد متابعيه عندما قال إنه لم يعد يشتري عدداً من الصحف إلا لأن النقيب نقَّب عن الحقائق ونشرها في ذلك العدد من الصحف.. وكتاباته لما تتسم به من نضج وإلمام وموسوعية يناسب نشرها في صحف لندنية: “كالشرق الأوسط والحياة” وغيرهما.. لا في الصحف اليمنية: الثورة و26 سبتمبر.. والإماراتية: الاتحاد وأخبار العرب فقط.
أسلوب كتاباته ومحتواها الواعي يَدُلُ على أخلاقه وفهمه وتعامله الإنساني.. وكل ذلك راقٍ، يطير بنا في آفاقه الواسعة والمنثورة.
الناثر الباهر، الشاعر الساحر، كما قال الرويشان عن النقيب الشغوف الفنان، سرد بسلاسة قصته في عدن «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً» عند عودته إليها أول السبعينيات بعد انتهاء دراسته للصحافة بتفوّق في القاهرة عام 1969م، وقد غادر عدن في 1974م هرباً من «غرائب ما عاين» و«هول ما رأى».
ذكر وذكَّر بعمر الجاوي في الإذاعة، وأين آل مصير مبنى الإذاعة؟ أمن الدولة!!.
تحدث عن رفاق الدرب، وأين صار مصيرهم؟ إما الاغتيال، أو الإعدام، أو الموت، أو الانتحار، أو الجنون، أو الاغتراب، أو النفي، أو البقاء كما قال المتنبي:
وفي الناس أمثلة تدور حياتها
كمماتها ومماتها كحياتها!!
ولفتت صفحاتُ الدفاتر الانتباه إلى نجوم العهد في الجنوب والشمال، وبماذا عرفوا؟ التسامح والنبل، الظُرف و«الطوسان»، بُعد الرؤية، التقليد الأعمى، الكرم، وغيرها من الصفات الإنسانية ومتناقضاتها.
وأشار إلى التحولات المضحكة المبكية، فرص الصعود، ثمار الأيام السبعة المجيدة 1972م، المأساوية والعبثية والهشاشة، والأوضاع القاتلة في تلك الأيام التي ضمّتها دفاتره وقد فرّغتها ذاكرته على مدى 58 مقالاً في 120 صفحة.
تلك الأيام كما قال في إهداءٍ لبعض زملائه مرّت في حياتهم كبرق غمامةٍ لم تمطرِ، ومضت بما فيها سلباً أو إيجاباً وبقت ذكرياتها في دفاترها.. وقد حفظها العم فضل النقيب بأمانة ونقلها بموضوعية لا ذم فيها لأحد ولا مدح فيها لعهد.. مما شَجَّع بأسلوبه المشوِّق قارئه على ألا يضع الدفاتر إلا وقد فرغ من قراءتها كاملةً.. بعد أن خطَّ تحت سطورها ما يُبهِرُه، وسجَّل في مفكرته ما يُهِمُه.
هنيئاً للعم فضل ما تفضل عليه الرب من نعم ومزايا..
وهنيئاً للقراء ما يكتبه نقيب أهل الفضل، فضل النقيب.
مقترح:
بدأ العم النقيب عمله مذيعاً في التلفزيون والإذاعة بعدن، وهو كما يشدُّ القارئ في كتابته يجذب المستمع في حديثه، ومواضيع الدفاتر جديرة بأن تسجل تلفزيونياً في برنامج مسلسل ويذاع عبر قناتنا الفضائية اليمنية وقد اكتملت مادته إما بتمثيل مشاهد من الذكريات أو سرد اعتيادي مدعم بوثائق خطية ومشاهد تلفزيونية وصور فوتوغرافية، فلدينا تراث تاريخي وفكري وسياسي ضخم، ولدينا كما لدى غيرنا من القادرين والمتمكنين إعلامياً روايةً وشهادةً وإلقاءً، وواحدٌ من بينهم الصحافي والأديب الأستاذ/فضل النقيب.. حتى لو تم التسجيل في أبوظبي بعد الاتفاق بين قناتنا الفضائية وبين أحد ستوديوهات قناة “أبوظبي” المتميز بالتقنيات العالية في التسجيل والتصوير والمونتاج الأفضل مما لدينا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s