صباح الخير.. صنعاء

موعود بصنعاء، وعد رضيع بثدي أمه، وهل المدن التي نعشق غير أمهاتنا التي نؤوب اليها كما تؤوب الطيور الى اعشاشها، موعود بمدينة تلف العمائم وتنبذ الخناجر، تعلي روائح الخبز، وتحتقر روائح البارود، ولاولئك الذين يروجون للشخصية اليمنية المدججة بالرصاص: نقول: اجعلوها مدججة بالعدالة وستنامون آمنين اشيعوا طهارة اليد ليتسع الزرق للجميع، اقطعوا دابر الفاسدين المفسدين لتسعيد مدينتنا براءتها وجمالها الازلي الجذاب، او ارحلوا عنها فالارض يرثها عباد الله الصالحون، بتقوى القلوب، لا بتوحش الجيوب.

موعود بصنعاء الواثقة من نفسها، بيومها وغدها، مدينة بلا متسولين، ولا متبطلين يفترشون الارصفة ويتسابقون على أية سيارة يتوسمون عملاً لدى صاحبها، صنعاء التي لا تجور على ناسها ولا على بيـئتها ولا زلت اتذكر ذلك الشيخ الطاعن في السن يرعى قطيعاً صغيراً من الاغنام في الشارع المسفلت المتجهم: صباح ابتسم كطفل وقال لي:
التي تقصدها ارعى اغنامي في المزابل حيث يرمي الناس مخلفاتهم، فقد جار الجشع على الاراضي الخضراء ووصل الى الجبال الجرداء، ثم قام بسحب احدى الاغنام واراني ورمى في عنقها قائلاً إن ذلك من اكل اكياس النايلون التي لا تستطيع هضمها وبقية القطيع كذلك ولكن الجوع كافرأ كان في الانسان أم الحيوان يا ولدي من يلوم من في هذه المعمعة التي فلتت فيها الاهواء من عقلها فترنحت صنعاء الجميلة بين جبليها تستنزف حوضها الشحيح وتخلط عادمها بفراتها، فيما فقراؤها يحاصرون مترفيها من اطرافها« واذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً».
موعود بصنعاء فاتنة الدنيا وحسناء الزمان، بوجوه الاصدقاء الذين يتغذون على الكلمات وينهلون من المعرفة: عبدالعزيز المقالح، خالد الرويشان، صالح الدحان، عبدالكريم الرازحي، محمد المساح، محمود الحاج، اسماعيل الوريث، احمد كلز، عمر البار، عبدالرحمن بجاش، وشاعرنا الكبير ابراهيم الحضراني، احمد قايد الصايدي صديق الطفولة، وغيرهم كثيرون من أولئك الذين يستضاء بهم في دروب الحياة، وحين تمحو الذاكرة ما في خزائنها تبقى اسماؤهم ووجوهم تشع في لوح محفوظ.
موعود بصنعاء التغيير نحو الافضل، نحو الاجمل، نحو الانظف، نحو الاجد، صنعاء التي تقدم النموذج الطيب يحتذى به علماً وعملاً وخلقاً، فهذه المدينة هي مدينة للعلم قبل ان تكون مدينة للتجارة ومدينة جامعة قبل ان يتوزعها الفرقاء، ومدينة ملهمة تفيض بإلهامها على كل اليمن، ومن ارادها عقيمّا دعونا عليه بالعقم في نفسه وفي ذراريه، موعود بصنعاء الفن في المعمار الرائق والنقش العجيب والحجر الموقص والمفارج المنيرة والبساتين التي رحلت ولم يتبق منها الا ما يتبقى من الاطلال تتناوشها الانواء وتسفيها عاديات الزمان، موعود برنات العود وسحر الكلمات ورخامة الاصوات: عرج بصنعاء حيث الحسن أسس مقامه.. والفن مد الظلال.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s