كل خميس: گلمة طيبة

بقلم فضل النقيب

يتفضل بعض القراء الجميلين فيعبرون عن مشاعرهم للكتاب بصورة او بأخرى فكل ميسر لما خلق له، ولا يقتضي التعبير أن يكون إعجاباً أو مجاملةً أو قدحاً وذماً، وإنما بين ذلك قواماً، فالتقييم المنصف من القارئ للكاتب يدفع الأخير ويحثه على التجويد والإحساس بأنه يكتب لقارىء معين لا ينبغي له ان يفقده، وفي سبيل ذلك عليه تحديث معلوماته والإلمام بموضوعه والعناية بأسلوبه كما ان النقد وإن كان لاذعاً يمثل تحدياً للكاتب عليه ان يستجيب له بصورة مناسبة ترضيه أولاً وترضي قارءه ثانياً، فما من كاتب يستطيع أن يدعي انه يجهل نقاط ضعفه لأن صاحب البيت أدرى بالذي فيه، ونستطيع ان نتبين ذلك دون عنت الحيل الكتابية لتجاوز الضعف والتعتيم على القارئ، وتلك من أسرار المهنة فلكل شيخ طريقة، واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

عدت ذات مساء الشهر الماضي إلى فندق «تاج سبأ» في صنعاء فاذا بالمناوب في الاستقبال يسلمني مغلفاً جسيماً فخيماً عليه رقم تلفون وقد شككت بأن يكون ذلك لي وظننته من بنات الأخطاء التي تقع فيها الفنادق ولكن الرؤية ثبتت حين اتصلت بالرقم فأجابني رجل على غاية من التهذيب أوضح أن ما في المغلف هو هدية تذكارية من رجل مهم لست في حل من ذكر اسمه وهو يتابع عمودي اليومي في جريدة الثورة الاسبوعي وفي “62سبتمبر” الغراء، فرحت بلوحة الشطرنج الأنيقة وإن لم أكن من فرسان هذه اللعبة التي تعد سيدة الرياضات العقلية ولكن ما أفرحني أكثر اللمسة الإنسانية الراقية، والآن كلما رأيت الهدية تضيء على مكتبي أتذكر ذلك بامتنان خاصة وأنني لم اتمكن من شكر المهدي مباشرة وبالتالي لم اتعرف عليه وجهاً لوجه، وقد فقدت تلفون رسوله لذلك فله كل التقدير والمحبة.

الأستاذ الشاعر الكبير. سليمان العيسى. فاجأني وفاجأ الحضور في الصباحية التي تحدثت فيها عن.. الوجه الآخر في بيت الثقافة بصنعاء الشهر الماضي بحضور الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة وجمهور مهتم حمدت لهم تجشمهم العناء، عندما بعث بـ(فاكس)، من دمشق مما جاء فيه «منذ طفولتي.. حتى عكازي الذي تتوكأ عليه أعوامي الخمسة والثمانون، كنت ومازلت أؤمن بالكلمة التي تنبض في الصدور، وتحرك القبور، وتعطر الفضاء، وتصل الأرض بالسماء. وعندما تصل كلمتي إلى ذوقٍ عال، وإحساس مرهف، وفكر متجدد اسمه فضل النقيب، أشعر ان أعوامي التي أرقتها حبراً على الورق، وليالي معه سهر وأرق، لم تذهب سدىً، أخي العزيز: حين تكرمك صنعاء، وبيت الثقافة بالذات، تطفر دمعة فرح في عيني، وأشعر أني جالس أمامك، أستمع اليك،والى هذا الفتى العربي الرائع، صديقي وصديقك، وزير الثقافة والسياحة خالد عبدالله الرويشان الذي ما فتئ يبحث عن كل خفقة ضوء، وشرارة ابداع، ليعطيها كل ما يليق بها من حب وحفاوة وتكريم، شكراً له حين يضع باقة ورد على صدرك، وشكراً لك حين تنقلني بريشتك المبدعة إلى اخوتي واخواتي في كل مكان.”

لقد دمعت عيني على مسرح “بيت الثقافة” وشعرت أنني أولد من جديد في ساحة الكلمة، وإن الرجل الكبير «سليمان العيسى» قد الزمني عهداً وحملني عبئاً أخشى أن أنوء به، وأنا الذي أشد رحالي دائماً الى مجره الطامي، وربما أراد استاذنا بروح الأب الشاعر العظيم التخفيف من رهبتي فقال مشجعاً «كل كلمة تكتبها عني تجعلني أشعر أننا هم واحد وطريق واحد.. خطوة منه على الريحان، وألف على الشوك والنيران. انه قدرنا ولا شكوى ولا ندماً… شكراً ياسيدي والف شكر فمن كلماتك يولد الربيع، وفي البدء كان الكلمة..
أحمد هائل سعيد ـــ غني عن التعريف ـــ عقب مقال كتبته في جريدة «الأيام» ضمن سلسلة «نجوم عدن» عن والده المرحوم هائل سعيد أنعم ومما جاء في التعقيب، «لقد أسعدنا كثيراً ما تفضلتم بتسطيره من عذب الكلم حول رجل تواضع لله فرفعه، وأخذ بالأسباب ثم أحسن التوكل على الله فأخذ بيده، وأحب الناس فبادلوه حباً بحب، ومما يزيد في سعادتنا جميعاً أننا صرنا نكتشف كل يوم مخبئاً جديداً لمحبيه وللمنصفين في الحديث عن أخلاقه وأعماله، فلله الحمد والمنة، فليس للإنسان إلاما سعى، ولا يبقى الا ما قدمه من عمل صالح».

شكراً لاصحاب الفعل والكلمة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s