لقطات من الحياة

الحياة سلسلة من اللقطات المتتابعة السريعة كما في عالم السينما، واشرطة الحياة لا تنتهي الا مع نهاية العمر واخلاء الطريق امام المصورين الجدد الذين يقتادهم النبض الى شتى الدروب فمنهم من يصنع التراجيديا ومنهم من يبدع الكوميديا ومنهم من يقنع بالهامش يخرج منها كما دخل اليها لا له ولا عليه، ومنهم من يعيش حيوات جديدة كانه لم يرحل لان أمثولته في الحياة تتجدد كما هو حال الشخصيات التاريخية البارزة التي تظل مشعةً اشعاع النجوم تهدي الى ما هو اقدم.

في صنعاء ساعفت الاستاذ خالد الرويشان وزيرالثقافة والسياحة واستفدت من رفقتي له علماً وانسانية ولطفاً وكرماً، «كانك تعطيه الذي انت سائله»، لاحظته وهو ياخذ بيد اشهر مؤدي «الدان» في وادي حضرموت المعلم «باحشوان» وجماعته فيخرجون راضين مرضيين مجبورين الخاطر، وقد كانت لهم شكاوى مرة من اهمال بعض المسؤولين لهم في صقعهم النائي بين جبال وادي حضرموت الغني بالتراث وشتى انواع الفنون.

وفي جلسة مع «العزي مصوعي» رجل الثقافة الأولى في الصقع التهامي، والخطيب المفوه كما وصفه الرويشان، والذي اجتذب الناس كأنما بمغناطيس صباح ذلك اليوم في بيت الثقافة بصنعاء، اخذ خالد يصغي اليه بكل المحبة فيما الرجل يفتش في كنوزه بهمة شاب رغم انه قد أوفى على الثالثة والثمانين، وذكر انه هب في وجه من اراده الى احد الاجلين قائلاً: «انني اعمل في مجال الثقافة والاعلام لاكثر من 64 عاماً قبل ان تخلق بعشرات السنين وبما انه «مستشار» فقد همس في اذني قائلاً «انا خائف من الكرشة» اي الدهفه من دون سين ولا جيم لمن هم على هاوية احد الاجلين قلت له: انت معلم ثقافي ومعلم وطني ومنار، وفي الدنيا مقاييس متفاوته فلا يمكن كيل الذهب بمكيال الشعير مع قيمة الاثنين للحياة.. اليوم خزن عليها تنجلى يا عم العزي وغداً لكل حادث حديث.

في تعز التقيت الاخوين احمد هائل سعيد وعبدالجبار هائل عقب زيارة الى مصنع السمن والزيوت والصوابين على طريق مفرق الحديدة – المخا – عدن، وقد انست الى حديث شكري الفريس – المدير العام الواسع الأفق، كما سعدت برؤية العمالة اليمنية المؤهلة في المختبرت وعلى المكائن، وفرحت جداً بالاهتمام بالبيئة والمسطحات الخضراء والنظافة وهو ما مكن هذه الصناعة من الحصول على «الايزو» العالمية التي تفتح الأبواب في كل الاسواق للدخول على الرحب والسعة، لأن شهادات «الايزو» تأخذ في الاعتبار أعلى درجات الجودة في العالم.

حلقت مع الاخوين في عالم الاعمال اللذيذ والشائك، كيف انه «اذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه.. زلت به الى الحضيض قدمه»، وقد تشعبنا في حديث طويل حول الارض المملوءة بالخيرات، وحول الجهود المبذولة والاصلاحات المطلوبة، والمعوقات التي يمكن التغلب عليها بالجهود المخلصة والعقول الراجحة التي افتقدناها طويلا وقد روى لي احمد هائل قصة خروجه من عدن تحت جنح الظلام حين همس في اذن صديق: لا تبت ليلتك هذه هنا، ولم يقل له اكثر من ذلك، وبالفعل ما ان اذن الفجر حتى كان بيت هائل سعيد ومسجده مطوقان بالجند والسلاح.

يضيف بعد عشرين عاماً عدت الى عدن في زيارة ولم اتمالك دموعي المنسكبة وانا اقف ازاء البوابة البحرية في التواهي التي قضيت فيها سنوات عمري الاولى.. ماذا أفدنا من زوابع بلا امطار.. وجنات عدن بلا ثمار ومع ذلك فلنقلب الصفحة فلا نعش.. «ابد الدهر بين الحفر»

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s