جمال عبدالناصر

أبو خالد

(ذكرى وفاته الـ 35)

جمال عبدالناصر
جمال عبدالناصر

ومن الأسماء ما يخلُد ولا يزيده مرور الزمن إلا لمعاناً وشمماً، حتى يتحوّل إلى رمز مُلهم للقيم والمعاني وللأفعال وجلائل الأعمال، حتى أولئك الذين كانوا يكرهون ذلك الإسم ويركبهم الغيظ من ذلك الرجل، لا يلبثون حتى يجنحوا إلى الصّمت حين يرون أحوال الزمن تتبدل، ومقادير الرجال تتحوّل، وما كان بالأمس مقدوراً عليه بعزائم الأبطال أصبح صعب المنال بهزائم الأبدال، وبعد الصّمت تركبهم الحسرة، وينوشهم الخذلان، ويعتريهم الهوان، فيتمنون لو أن ما كان لم يكن، ولو أن سورة العداء لم تعمهم عن رؤية الحق، وبصيرة الصدق. وللحق فإن هذه الحالة من تدمير الذات وهدم بنيان العز وتغليب الذاتي على الموضوعي، والآني على الاستراتيجي، هي من سمات الأمم الممزقة مصالحاً ومعتقدات، ورؤية مشتركة، وهو بكل أسف حال أمتنا العربية منذ نصف قرن على الأقل، ولا يبدو حتى اللحظة ولا في المستقبل المنظور القريب أمل جدّي للخروج من ذلك إلا إذا حدثت معجزة ليست في الحسبان، مع أننا لسنا في زمن العجائب، وإنما في مرحلة من تاريخ الإنسانية تحسب فيها السياسات بدقة متناهية، وتقاس فيها المصالح بالأرقام، وتُبنى فيها العلاقات بحسابات المسطرة الضابطة لمواقع الأمم على خرائط العالم مساحة وسكاناً وموارد وحركة عمل
.

ونحن إذ نستذكر اليوم جمال عبدالناصر (أبو خالد) فإنما نستذكر جزءاً غالياً من أرواحنا طواه العدم، ونوراً غالياً في عيوننا وأبصارنا ثم أسدلنا عليه حُجب الظلام بجهلنا وجهالتنا وجاهليتنا. وكأي بشر كانت لعبدالناصر أخطاء، بل وخطاياه التي أصبحت اليوم في ميزان التاريخ، ولكن الرجل – شاء من شاء وأبى من أبى، على حد التعبير المفضل لياسر عرفات رحمه الله تعالى- ، كان مشروعاً مستقبلياً رائداً، وعزيمة عربية افتقدناها منذ صلاح الدين الأيوبي، ونزاهة شخصية وخلقية وضميرية نفتقدها اليوم كما يفتقد الضرير النور، وحقاً فإنه “في الليلة الظلماء يفتقد البدر”… رحم الله عبدالناصر

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s