مآثر عبدالمجيد شومان

عبدالمجيد شومان
عبدالمجيد شومان

كانت لفتة مؤثرة تحمل الكثير من المعاني حين أمر الملك عبدالله الثاني ملك الأردن بدفن جثمان المغفور له بإذن الله تعالى شيخ المصرفيين العرب عبدالمجيد شومان في المقابر الملكية بالعاصمة الأردنية عمّان. وكلّنا نعرف إن الله جل وعلا لا ينظر إلى قبورنا ولكن إلى أعمالنا، ومع ذلك فإن هذه اللفتة الكريمة هي رسالة إلى الأحياء، فبعض الناس هم ملوك على عروش حقيقية من الإنجازات في هذه الحياة الدنيا، وحريّ أن يكونوا قدوة للآخرين.

وعبدالمجيد شومان كان من هؤلاء الذين يوزنون بالذهب، ولهم العز والمقدار حيثما وجدوا وأينما اتجهوا، فالرجل الذي توفي عن 94 عاماً قضى منها 75 عاماً عاملاً مجداً مبدعاً في واحدة من أنجح المؤسسات الاقتصادية العربية إقليمياً وعالمياً وهو البنك العربي، وكان موفقاً في إختياره للإسم الجميل، الذي سعى بدأب ليكون مسمّاه على امتداد بلاد العرب، ثم عبر إلى العالم بـ 400 فرع في خمس قارات، وهو الأوسع انتشاراً بين البنوك العربية.

حين كان الكلام – ولا يزال- هو النقد الأكثر رواجاً في العالم العربي عمل عبدالمجيد شومان وكوكبة من المصرفيين العرب في صناعة البنوك التي لا غنى عنها لأي اقتصاد حديث، وبصمت، ولكن بدأب واحتراف في وجه منافسة عالمية لمصارف لها من العراقة والإنتشار ما يفتح أمامها كل الأبواب والخزائن. ورغم أنه القوى لم تكن متكافئة إلا أن الثقة التي أظهرها عبدالمجيد شومان وعائلته في بلاد الشام وآل بن محفوظ في السعودية وأخوان لهم وأشباه قد جعلت “المشروع البنكي العربي” – الذي يقوده القطاع الخاص – في مصاف المصارف العالمية الراقية ذات الجدوى الاقتصادية والعوائد المجزية والشفافية المعترف بها، ولو كره الكارهون.

لقد تعرض البنك العربي تحديداً إلى هجمات ضارية حاولت ثلبه تحت مسميات عديدة ومنها الإرهاب، وقد تكسرت تلك الهجمات وذهبت بدداً لأنه في الأخير لا يصح إلا الصحيح:

كناطح  صخرة  يوماً ليوهنها
فلم يضرّها وأوهى قرنه الوعل

لقد كانت رسالة الملك عبدالله الثاني هي أن الذين يضيفون هم الذين يستحقون التكريم والخلود، أما الذين ليسوا سوى مستهلكين وهم ينقصون فإنهم في أحسن حالاتهم لا لهم ولا عليهم، أما إذا كانوا من المفسدين في الأرض فيلعنهم الله تعالى والملائكة والناس أجمعين.

ما علينا… لقد نهض عبدالمجيد شومان بعمل مؤسسي من الدرجة الأولى، عمل فيه عشرات الآلاف من أبناء بلده ومن العرب، وساهم في ترقية الحياة الصناعية والتجارية والتبادلية في منطقة واسعة من الشرق الأوسط وحول العالم، وقد كان له – ولا يزال – عائدٌ عظيم، ولكنه من عرق العمل ومن جهد العقل ومن إحسان التنظيم، وهو من جعل من عمّان – القليلة الموارد – إحدى عواصم المال والنقد في العالم، وكان له إلى ذلك مساهمات مرموقة في ترقية الحياة الثقافية والعقلية وابتعاث الطلاب واحتضان الموهوبين والمساهمة في توعية الرأي العام عبر مؤسسات عريقة تنسب إلى “آل شومان”.

رحمه الله رحمة واسعة:

والموت  نقّاد  على  iiكفّه
جواهرٌ يختار منها الجياد

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s