كل خميس: تعز – عدن

توقفت الأسبوع الماضي على الطريق البحري في عدن حيث ينفتح البحر يميناً على أجمل منظر يمكن أن تشاهده العين المحبة: الأزرق الغني يحتضن الكتلة الجبلية للمعلا والتواهي كأنه بحيرة عظمى، وهو كذلك فعلاً وفي العمق يميناً تلوح عدن الصغرى، لكأن الضيق الجبلي جرى تعويضه بالفساحة البحرية المدهشة المنفتحة على العالم بدون حدود، وعلى اليسار للقادم من المنصورة، المملاح التاريخي، وعلى حافته محمية البجع البحري «الفلامنجو» اصدقاء البيئة ومتعة النظر ورشاقة الحركة كأنما في عرض للباليه : الله يا عدن، أستطيع أن ألتقط منظر ساحل أبين بخيالي ولولا العمران لالتقطته بعيني، أما النشيد الأزلي لأمواجه فهي جزء من موسيقى الروح. الله يا عدن.. هأنذا قادم اليك من تعز، فقد تعشقت اثنتين لفرط جهلي، بما يلقاه زوج الاثنين، وفي الطريق بعد ان ودعت «طواهيش الحوبان» الكرام، وأخذت أنا وابن أخي «وسام» بأطراف الاحاديث بيننا، عبرنا «الراهدة» و«كرش» دون ان أشعر، يا للهول، أية معجزة حدثت في هذه الا رض، فقد كان عبور الصراط أقل يسراً من عبور ما بين كرش والراهدة، لا أدري كم من الناس يشعرون بهذه النعم، وقد حدثني صديقي محمد عبدالودود طارش انه جرى تعجيل الساعة التي على يده حين أراد زيارة عدن قبل الوحدة وكان الاتفاق قد تم والبراميل الملعونة قد ركلت ومع ذلك تم توثيق الساعة مع «ان الساعة آتية لا ريب فيها»..

الله يا عدن.. كم عانى الناس في حبك، وكم افردوا «أفراد البعير المعبد» لكي يحظوا بنظرة من عينيك الساحرتين اللتين تلوحان لي من الطريق البحري الذي أخبرني محافظك يحيى الشعيبي ان الرئيس علي عبدالله صالح قد أمر بتوسعته الى الضعف كما وجه بمعبر ثالث إلى عدن «عدن الصغرى» وهو مؤشر للأهمية المنتظرة لطريق عدن – باب المندب: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

كنت أقترب من فندق عدن حيث ينتظرني صديقي الشيخ محمد عبدالقوي المفلحي بشعره الكثيف اللامع البياض وبابتسامته الأكثر بياضاً وجمالاًَ وبروحه المحلقة المحبة كأنها قصيدة شعر رومانسي وهناك قبل جولة فندق عدن جاءني تلفون شيخ الشعراء الكلاسيكيين اليمنيين محمد أحمد منصور، وكنت قد وعدته بزيارته في «تعز» وكتبت في العدد الماضي انه بقي في نفسي ما بقي في نفس «سيبويه» من «حتى» حين اخلفت وعدي، ولكنني معذور، وكان الله بالسر عليما.

ربما في أعماقي البعيدة كنت أود زيارة الشيخ في «العنسين» الفاتنة وهو غريدها، هناك حيث زاره الاخ الرئيس علي عبدالله صالح، وروى في أحد مجالسه تلك الطرفة عن الناس الذي تحدثوا عن تعجبهم من رؤية الشيخ يسير على قدميه بجانب الرئيس فقال لهم الرئيس بروحه الشعبية المرحة : «إن رئيس البلاد بمقامه يسير على قدميه، فما بالكم تتعجبون من شيخكم، وطبعاً لم يغب عن ذكاء الرئيس وهو الفتى ان الشيخ يسير على عصا وقد وجدته كذلك في مطار المكلا عقب احتفالات 22 مايو ولكنه كان يهز العصا احيانا ويتفتى شأن أي عاشق مغوار، فكأن الهوى و الجمال ملك يديه، فأي تاج أعز من تاجيه.

وللشيخ قصائد عديدة ومديدة في الرئيس وهي تصدر عن محبة عميقة صادقة، وتقدير شخصي وعام لا يخفى على متذوق الشعر، فإذا أضفت الى جمال المعاني تلك الاحاطة اللغوية والموروث الصوري الذي أذهل علي بن علي صبرة وهو الجواهري المتمرس فلك أن تتصور النتيجة.

المهم قال لي الشيخ محمد : أما وقد غادرت تعز فإن ديواني سيصلك خلال 3 ساعات ومعه قلم ذهبي، وفعلاً ما كدت أرتب أغراضي وأجري اتصالاتي حتى كان الطارق من تعز في الباب، وكان التوقيع تحت الاهداء : محمد احمد منصور اليافعي..
حياك الله يا عم محمد.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s