
نتحدث إليك يا أبانا كأنك لم ترحل، فنحن اليوم إذ نشيّعك نمتلئ منك حياة كأبهى ما تكون الحياة، ونعيش معك الحكمة كما جسّدتها سيرة وعملاً وحباً للخير ورعاية للناس وحناناً يملأ ما بين القلب والعقل.
ذلك هو ميراثك العظيم: القيم السامية، والتواضع الجم، والإنجاز الذي يعمل لدينا كأنه يعيش أبداً ولآخرته كأنه يموت غداً.
كان ذلك سهلك الممتنع، لأنك كنت تعمل بالفطرة فتيسّرت على يديك جلائل الأعمال، وامتنعت على كثيرين أرادوها اصطناعاً وتظاهراً فما استطاعوا إليها سبيلا.
كنت الشّعر في لباس الحاكم، فجاءت أعمالك قصائد موزونة، وقوافي محكمة، ولوحات مليئة بالعاطفة مفعمة بالحماس. هذه مدنك تشهد لك بالإبداع، وهذه حدائقك تشهد لك بالإحسان، وتلك جامعاتك تنقل إليك نبض المحبة، وكل قطاع من قطاعات المجتمع يقول: “كان زايد لي، وعمل من أجل نموي، ومنحني أكثر مما أستحق”.
أنت الآن تملأ ما بين عواطفنا وتشجي ما في قلوبنا وتنوّر عقولنا، لأننا أصبحنا ندرك قيمتك وقيمك، والعبء الذي كنت تحمله عنّا وأنت تبتسم، كنت ضميرنا حين تلتبس الأمور، وملاذنا حين تدلهم الأمور، وروحنا حين تتصحّر الأرواح وتفقد بوصلة الاتجاهات.
يا أبانا الذي أحببنا ونحب وسنحب: ندعوا لك من أعماق قلوبنا بالمغفرة والرضوان، وأن يتقبّلك المولى الكريم في هذا الشهر الكريم بواسع رحمته وعظيم مغفرته مع الأنبياء والصديقين والشهداء.
وإنا لله وإنا إليه راجعون