زايد… إلهام الزعامة 2

حين تخلّى الشاعر عن قصيدته لم يكن ذلك جفاء ولا هجراً ولا قطيعة، وحين شمست القصيدة واستعصت وعصت، لم يكن ذلك دلالاً ولا استعلاءً ولا ظناً بينابيعها.

الشاعر حين تخلى لم يكن يائساً وإن قال ذلك، وإنما كان طامحاً بفيض خارج الصنعة وإن لم يعلن ذلك.

تخلى وهو يعلم أن حصانه ليس مهراً في ميادين الشعر، وأن الفارس ليس غراً، لذلك فقد تجافى ولم يجف، وتهاجر ولم يهجر، وقاطع ولم يقطع.

وحين أبلغ اللجنة المنظمة بأنه سيكتفي بخطاب أزاح عن كاهله العبء الضاغط، وهنا وجدت القصيدة راحتها من المطاردة والاستحضار، واستطاعت أن تتشكّل في هدوء وأن تشكّل نفس صاحبها فيما هي تشكّل ذاتها.

لذلك فإن شاعر ما قبل القصيدة لم يعد هو شاعر ما بعدها، فقد صبت في فضاء الروح أنوار كثيرة أضاءت وكشفت ومحّصت وهدت وغيّرت تراتبية المنازل وأذواق التناول ودرجات القيم:

وقفت  والليل  يشهد طول iiحرماني
أنظر   لحالي   إلهي  لا  iiتخـلّيني
في  مهبط  الوحي والتنزيل iiفاجاني
شعور ما ينوصف ما زال يشجيني

 

إذاً… أسلمت القصيدة قيادها لتجلياتها فأوفت بحق ربها ونبيها في البدء، وبذلك تحوّل الشموس إلى مطأنينة راضية سلسة متدفقة، وتبدّل الاستعصاء إلى استرضاء وإيفاء ووفاء، وهنا فقط دخل الشاعر على الخط في لحظة سجود أيقظته من فناء النشوة، فدعى لأحب اثنين إليه، وكانت تلك هي التسوية بين الجفاء والهجر، وبين الشموس والاستعصاء:

وفي سجدة راجي عفو iiوغفراني
دعيت  لاثنين دايم حبهم iiديني
أبويه راشد لذي بالدين وصاني
وابويه زايد لذي فضله مغطيني

بهذه الصولة الحميمة بين الرباني والإنساني ألهم الشاعر لكي يتخلص وينسل بهدوء وبراعة من الاستفتاح إلى الانطلاق الواثق نحو هدف القصيد، وبذلك وفق محمد بن راشد أيما توفيق في مفصل طالما أعيا الشعراء العرب وشغل النقاد، واعتبروه أحد مقاييس تميز الشعراء المجيدين أما المدخل الذي يقول عنه المتنبي:

“إذا كان مدحاً فالنسب المقدم”

فقد حوله محمد بن راشد إلى:

إذا كان مدحاً فـ (الدعاء) المقدم

ولقد استمد الشاعر من الدعاء مدداً روحانياً وأخلاقياً أضاء بألوان قوس قزح المشعة الخيرة شخصية صاحب السمو رئيس الدولة:

أنا   على  مدح  زايد  داعي  iiجاني
اسمه   الموده   وحبه  في  iiشراييني
وزايد  وداده  بنى  في  القلب iiبنياني
وزايد   قصيدي   وأبياتي   iiوتلحيني
وزايد ابويه الذي ما أرضى معه ثاني
وزايد   عيوني  وشوفي  لي  iiيدليني

 

وهكذا أخذت القصيدة تدمدم في دنيا الشعر مثل مساقط المياه أبان الأمطار الغزيرة حيث تتجه كل الشعاب إلى الوادي الخصيب، فإلى الغد.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s