من يقف مع فضل النقيب

جمعة اللامي
جمعة اللامي

بقلم: جمعة اللامي

قبل عشرين سنة ونيف، وضعت نفسي – مختاراً – في موقف ابتلاء، قلت للرجل صاحب السطوة والنفوذ: “تنفقون الأموال هنا وهناك، وتبعثرون المال العام على من هبّ ودبّ، وتكرمون من لا يستحق الكرم بدون تدقيق وتمحيص، بينما أياديكم مغلولة، وحقائب أموالكم مغلقة، وأبواب سكرتيراتكم مقفلة، أمام حالة فنان تشكيلي عاجز…!!”

وأذكر الآن أن الرجل – وأتعفف عن ذكر اسمه هذا اليوم – أجاب عن أسئلتي الإستنكارية بطريقة تحذيرية لا يعرفها إلا من خبر كيف تفسد السلطة من عنده عليقة من قيم ومثل: “كلمني غداً في مكتبي”.

وتحدثت إليه في اليوم التالي.

ويا لشدة فرحي، لقد أرسل ذلك الفنان التشكيلي العاجز إلى صوفيا عقب صياح الديك، دون أن يسمحوا له باصطحاب أي من أغراضه، لقد وفروا كل شيء لذلك الفنان التشكيلي العاجز، اللّهم إلا صحته!

***

تذكرت هذه الواقعة أكثر من مرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأنا أقرأ مقالات الزميل الصديق فضل النقيب من العاصمة الأردنية عمّان، خصوصاً تلك المتعلقة بالخَطب الذي ألمّ بزوجته (أم خالد) والتي سار بها طارشاً من أبوظبي إلى عمّان بحثاً عن الترياق والشفاء من علّة كانت سهلة في حينه، إذا ما قيست بما وقع لأم خالد بعد العملية التي أجريت لها في العاصمة الأردنية!

كان الله تعالى في عون الزميل الأديب فضل النقيب، ليس فقط في خساراته المالية – وهو يباطح من أجل أن يشتري صحة وعافية زوجته الوفية – وإنما في خساراته المعنوية الجسيمة أيضاً، عندما وجد فضل النقيب نفسه يقف وحيداً وهو الذي كان يسارع بقلمه – وأحياناً بكلمة خير عند صاحب سلطة عاقل – إلى مساعدة حتى بعض أولئك الذين أساؤوا إليه يوما ما.

ما أثقل الموقف على فضل النقيب!

بل، ما أثقل هذا الموقف على زوجته المبتلاة بالمرض وبأخطاء الأطباء، عندما تريد أن تقول له بلسانها فلا تسعفها إلا إشارات وحركات. لا تثريب عليك يا فضل، هكذا هي الدنيا، وهكذا هم البشر، والحليم من يتقحّم هذه الدنيّة عندما تكشّر له عن أنيابها.

لا بل، ما أثقل هذا الموقف على أبناء الزميل فضل النقيب! كبارهم وصغارهم، شاهدوا أباهم يركض من أجل مصلحة مواطن عربي في أبوظبي وعدن وصنعاء وبغداد وبيروت… و … و… وها هم اليوم يجدون أباهم يقف وحيداً بينما أمهم تزداد آلامها يوماً إثر يوم.

***

من يقف مع فضل النقيب؟

ليس سؤالاً وصرخة أو عتاباً أو لوماً أو استنجاداً، فهذه الكلمات لا تخاطب النفر العربي الذي تاه في الصحاري والبوادي والنوادي والصالات! هذه الكلمات تخاطب من يحترم الكلمات.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s