أيام في الأردن 5

قد يسألني سائل: “وماذا بين الصحافة الأردنية ورئيس الوزراء (الروابدة)؟” فأجيب: “ما صنع الحدّاد”.

ولكنني أستدرك قبل فوات الوقت بأن التعميم – مثله مثل أي تعميم طائش – قد يحجب الحقيقة ويكسفها كما حجب القمر ضوء الشمس وكسف نورها. وهو ذلك الحدث الذي ضخّمه الإعلام فأبقى الأردنيين قعيدي بيوتهم بعد أن أسدلوا الستائر الكثيفة.

وزاد الطين بلة كما يقال أن الحكومة بإعطائها إجازة رسمية قد أوهمت الناس بأن حياتهم في خطر، وأن عليهم أن يتمترسوا ويكتفوا بشمس التلفزيون المعلبة بدلاً من شمس الله، وعلى كل حال فتلك سياسة عربية شائعة ومألوفة تؤثر السلامة والطمأنينية… “ويا دار ما دخلك شر”.

أقول: إن التعميم مخل، ذلك أن الصحف القومية – إذا صح التعبير المنقول من مصر – تقف في المنطقة الوسطى، تقدّم رجلاً وتؤخر أخرى. يذكر هنا – للعلم – أن الحكومة تملك أسهماً مؤهلة في أهم صحيفتين أردنيتين وهما: الرأي والدستور، ومع ذلك فإن تأثيرها على سياساتهما التحريرية محدود في ظل المناخ الصحفي الذي ينطق عليه شعار (ماوتسي تونج): “دع ألف زهرة وزهرة تتفتح، ذلك أن سوسنة واحدة ليست بشارة مؤكدة بمقدم الربيع”.

وأجزم هنا أن ما من عداء شخصي بين (الروابدة) والصحافة، ولكن اي رئيس وزراء في هذا البلد الديناميكي المتموضع في مهب العواصف السياسية والاقتصادية والرياح الزعازع التي تهب من الشرق والغرب لا بد له من أن يستوعب قول (المقنع الكندي) حين ضحكت منه شيخة عبشمية (من بني عبد شمس):

وكان (المقنع) مربوطاً في صحن دارها أو بالأصح في فناء خيمتها، فأوضح لها أنه مثل الليث إذا شوهد اليوم مطارداً (بفتح الراء) فقد يشاهد غداً مطارِداً (بكسر الراء):

وفي مؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 19 الجاري أثبت (الروابدة) أنه رجل دولة، قد تخلتف معه ولكنك لا تملك غلا أن تحترمه. وإلى ذلك فالرجل خفيف الظل رغم “دبدبته” الخداعة، وسيمضي بعد حين إلى حاله وجهاً لوجه وهو يضحك، وقد تضطر إلى شراء واحد جديد ولو من سوق (البالة) حسب تعبير أهل عمّان… وإلى الغد.