حاولت قراءة الأردن من خلال صحفه التي يصحّ القول فيها بأنها صاحبة جلالة ولها سلطة رابعة، لذلك فقد “اعتزى” الكاتب (خالد محادين) المتوقف عن الكتابة منذ أشهر توضيح له نشرته جريدة (البلاد) فيه أسباب توقفه بأنه وزملاءه تركوا تأثيرات عميقة للحياة السياسية في الأردن، وأن أقلامهم طالما ألغت قرارات وسياسات، وتحسّست أوجاع المواطن وأحزانه وآماله.
وفي تقديري أن ذلك الفصل الواعي بين العرش والحكومة قد أخرج الحريّات الصحفية من مدار الصدام المأساوي، وجعل من الملك وديوانه حَكَماً بين السلطات لا طرفاً من أطرافها. ومع ذلك فما يزال هذا النقاء المفترض وتلك الشفافية المرتجاة موضع شد وجذب وتمحيص واجتهاد وسيظل هناك دائماً من يدفع الثمن.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مدير دائرة الدراسات الاستراتيجية في الديوان الملكي (سلامة نعمات) قد استقال من منصبه بسبب تداعيات تصريح للصحافة نقل فيه عن الملك (عبدالله الثاني) قوله إنه لا يرى في نقد الحكومات نقداً للنظام، وأنه ضد أن يختبئ أو يحتمي أي طرف بالقصر في خصومته مع الأطراف الأخرى.
وذكرت صحيفة (العرب اليوم) أن هذه الاستقالة تحتمت بعد أن ربط رئيس الوزراء (عبدالرؤوف الروابدة) بين استمرار الحكومة وبقاء (نعمات) في موقعه الوظيفي، وقد أوضح (نعمات) في تصريح صحفي أن استقالته كانت بقرار ذاتي، وأن أي طرف من الأطراف لم يطلب منه ذلك، وأنها جاءت منعاً لتفاقم الأمور بين الحكومة والديوان الملكي.
وأياً كانت حقيقة الأمر فإن هذا القراع العلني والأخذ والرد في ساحة الرأي العام هو دليل صحة مهما كانت ملابسات المرض وأعراضه، مع الإشارة إلى أن ما كُلُّ ما يُعرف يُقال، ومن هنا تم تعريف السياسة بأنها “فن الممكن” أما الصحافة فإن ديدنها البحث عن الكمال في أرقى صوره، وبين الكمال والممكن مساحة يسقط في ساحاتها صرعى، ويحار فيها الحليم، حتى ليتأمل المرء في قول الإمام (علي بن أبي طالب) من أن العاقل ليس من يميّز الخير من الشر، ولكن من يميّز الشرّ من الشر.
إن صحافة الأردن هي مرأة لكل ما فيه، وقراءة الصحف من الأخبار والتحليلات وحتى الإعلانات إحدى طرق الإطلاع الحصيفة والمؤكدة في عصرنا الذي قال فيه (شوقي) عن الصحافة:
|
لكل زمانٍ مضى آية
وآية هذا الزمان الصحف
|
آفاق فضل النقيب 