أوراق المفرق – 8

ما دمتُ قد أشرتُ في زاوية الأمس إلى موضوع الأكل في (مستشفى المفرق) فلا بد لي هنا من التنويه بأمر لا علاقة له بالمستشفى وإنما بأحوال الدنيا وناسها:

ذلك أن أحد الأصدقاء الحميمين!! ما أن سمع بالأمر الذي قصصت عليكم طرفاً منه أمس حتى قرر أن يركب الموجة، فأقسم بالله العظيم أنه سوف يأتيني بخروف مشوي بالتنور (مندي) على الطريقة اليمنية، وقد حاولت جاهداً إفهامه أن الأكل من خارج المستشفى ممنوع، وأن كثرة اللحم ضارة بمريض السكر، ولكن دون جدوى، فقد قال إن هذا نذر، ومع إنني أعرف أن صاحبي إذا قدم (دجاجة) فإنها تتحول في ذهنه بعد فترة إلى (عجل)، إلا إنني قلت أن هذه المرة تختلف؛ لأن الأغنام (الجزيري) قد هبطت لفترة ما بعد العيد… المهم إنني أسلمت أمري لله بعد أن أكثر من الحلفان والاتصالات التلفونية عدة مرات في اليوم، فقلت له: “على بركة الله، بس لا تكلف نفسك كثيراً”، فقال لي: “لا بد أبداً، بس المهم أن اللحم ما يضرّك”، قلت له: “إن شاء الله ما في ضرر…” فقال لي: “ما يحتاج أنبهك إلى (الكوليسترول)، تعرف طبخ جماعتنا كله دهون”، قلت له: “قل لن يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا”، قال لي: “أشوف موقفك تغيّر مع إنك كنت ترفض في البداية؟!” قلت له: “المسألة فيها نذر هذه المرة وعدم الوفاء بالنذر قد تكون له عواقب وخيمة، وأنا بصراحة خايف عليك مش على نفسي”. وهكذا وقع صاحبي الحميم في (خير) أعماله.

المهم إن صاحبنا بعد هذه المكالمة الأخيرة انشقت الأرض وابتلعته، وكفى الله المؤمنين شر القتال، هو تخلص من ورطة لسانه، وأنا تخلصت من مكالماته وإيمانه الصادقة!!… وبقيت بعض الذيول التي كان عليها أن أتقبلها راضياً مسروراً؛ فقد أجرى صاحبي مكالمات دولية واسعة (عدا المحلية)، أظن أنها كلفته أكثر من قيمة خمسة خرفان، حيث علم القاصي والداني – ليس بالخروف الذي لم يصل إليّ أبداً – وإنما بخروف يصلني مشوياً كل يوم، حتى أن الأصدقاء بدلاً من التمنيات بالسلامة والشفاء كانوا يتمنون لي طيب الإقامة للتمتع بالخرفان المشوية.

وبمناسبة الأصدقاء؛ يبدو أن الصديق الدكتور (عثمان علي الفقيه) بمستشفى (الجزيرة) قد أخذ على خاطره مني، فقد اتصل بي معاتباً أنني كتبت أنه من كثرة انشغاله لا يتمكن حتى من رد السلام، وطبعاً معه الحق في ذلك، ما دام قد فهم المعنى بهذه الصورة المباشرة، علماً أن المعنى في ذهني لم ينصرف إلى ذلك، خاصة وأنني أعرف الدكتور معرفة مباشرة بخلقه الكريم، وبشاشته الدائمة، ونحن على سبيل المثال نقول: “إن فلاناً لا يستطيع أن يحكّ رأسه لكثرة انشغاله”، ولا نعني بذلك المنطوق المباشر، وإنما كثرة الإنشغال، على كل حال… معذرة للأخ الكريم، ولكل من يعتقد أنه مَعنِيٌّ بكلمة أو تعبير لم أقصده.

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s