صراع الحضارات

هذه الحضارة اللاهثة وراء المجهول، هل فقدت السيطرة على آليتها؟ هذا ما يبدو على السطح وفي العمق، فما من أهداف إنسانية عليا متفق عليها، وليس سوى السعي إلى التفوق من منطلق القوة لا من منطلق الخير، كما أن الكوابح والضوابط تتعلق بالمصالح الضيقة والأنانية، وليس بالوجود الإنساني…

وهكذا نجد أن دولة عظمى لا تبالي في سبيل ما تعتبره مجالها الحيوي وأسواقها أن تدوس في طريقها إليه أمماً وشعوباً وحضارات، بينما يسعى علماؤها لحماية كائنات دنيا وأنواع توشك على الإنقراض، فتسن القوانين وترصد الأموال لذلك، بينما قوانين حماية الإنسان وصيانة وجوده وفتح المجال أمام ثقافته ترصد في نطاق الأهداف التي ينبغي تدميرها وشن الحرب عليها بلا هوادة، وما ذلك الذي يجري في البوسنة وفي الشيشان وفي مناطق عديدة من العالم سوى الإنذارات الأولى بتوحش الحضارة المعاصر، وتكشيرها عن أنيابها وفقاً لمقولة: “أنا ومن بعدي الطوفان”.

إن الحروب التجارية التي تدور رحاها في مؤتمرات عالمية وعلى طاولات المفاوضات وفي المعامل والمصانع هي الفلسفة العالمية الجديدة لتقسيم العالم وتحديد مناطق النفوذ ورسم الخطوط الحمراء، وإذا استمعنا جيداً إلى التعابير والإصطلاحات المستخدمة لإدارة هذه الحرب المضحكة المبكية فسنجد أنفسنا أمام قاموس يشكل لغة جديدة تتجاوز ثقافة العقل ومنطق الروح وأشواق النفس إلى زئير الغاب وصلابة الحديد وجشع الإستهلاك، وسيخرج الحاوي كل يوم جديداً من جرابه حتى يصل بالإنسانية إلى طريق مسدود ينعق البوم في خرائبه.

لذلك لا غرابة أن يخرج الغرب من ظلمات العقل الباطن إلى مسطح الوعي هذه الأيام تنجيمات أشهر عرّافيهم نوستراداموس ذلك الفلكي الفرنسي الذي ولد في سان ريمي بروفانس عام 1503 وتوفي في سالون عام 1566 مخلفاً وراء 1142 قصيدة رباعية و 47 قصيدة سداسية وعنوانها (المئويات الفكلية)، أما أشهر تنجيماته التي يجري عليها العزف الآن فتتعلق بالصراع بين الغرب والبلدان الإسلامية، وخلاصتها أن العالم لن يصل إلى سلام شامل قبل عام 2025، وذلك بعد حرب أوروبية إسلامية شاملة تندلع عام 1998، وهو يصف الفظائع التي سيلحقها المسلمون بالغرب، أما النتيجة النهائية فمحسومة سلفاً باندحار المسلمين وقيام السلام على أشلائهم، هكذا تزعم النبوءة… حقاً إن في جراب الحاوي الكثير الكثير… وكذب المنجمون… ولو… صدقوا!!

 

اترك تعليقًا